ركز مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً، المنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، انتباهه على أحد أكثر التحديات العالمية خطورة، ألا وهو سد الفجوة الرقمية الواسعة والمذهلة بين دول العالم الغنية والفقيرة.
يأتي الاهتمام المتجدد بهذه القضية في وقت وجد فيه تقرير أممي صدر للتو أن ثلثي سكان أقل البلدان نمواً ما زالوا غير متصلين بالإنترنت.
وشهد المؤتمر، سلسلة من المناقشات تطرق خلالها القادة إلى عقبتين أساسيتين أمام أقل البلدان نمواً: كيفية الاستفادة بشكل أفضل من العلم والتكنولوجيا والابتكار، وكيفية تعزيز التحولات الهيكلية التي يمكن أن تساعد في التغلب على العوائق الحقيقية التي يواجهها من هم على هامش المجتمع.
يلعب العلم والتكنولوجيا والابتكار دوراً حاسماً في جهود أقل البلدان نمواً لدفع جهود القضاء على الفقر، والانتقال إلى التنمية المستدامة، وأن تصبح قادرة على المنافسة عالمياً.
إلا أن هذه البلدان الضعيفة غالبا ما تكون غير قادرة على جني الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الكاملة للتنمية التكنولوجية بسبب القيود الهيكلية، حيث توجد فوارق كبيرة بين أقل البلدان نمواً والبلدان الأخرى.
بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعيشون في أقل البلدان نمواً، يكون الواقع وتأثير عدم المساواة البنيوية، صارخا. فلا فائدة من الإنترنت إذا لم تتمكن من الاتصال به، ولا يهم إذا كان بإمكانك الاتصال بالإنترنت إذا كنت لا تعرف كيفية استخدام المتصفح.
ووفقاً للعديد من المتحدثين في المؤتمر اليوم، الحل يكمن في إيجاد طرق ليس فقط لربط أولئك الذين تخلفوا عن ركب التقدم، ولكن لمعالجة الفجوة بشكل مستدام وتعزيز الظروف من أجل الوصول الرقمي الأكثر شمولاً.
أظهر تقرير خاص جديد صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات أن الفجوة الرقمية بين أقل البلدان نمواً وبقية العالم لا تظهر في الواقع أي بوادر إيجابية لسدها. ففي حين أن نسبة السكان في أقل البلدان نمواً الذين يستخدمون الإنترنت قد زادت من 4 في المائة إلى 36 في المائة منذ عام 2011، فإن ثلثي سكان هذه الدول لا يزالون غير متصلين بالإنترنت.
وفقًا للبحث الوارد في التقرير المعنون “الحقائق والأرقام بشأن أقل البلدان نمواً”، استخدم ما يقدر بـ 407 ملايين شخص الإنترنت عام 2022 في أقل البلدان نمواً.
ويمثل عدد الأشخاص الذين ما زالوا غير متصلين بالإنترنت في أقل البلدان نمواً، والبالغ عددهم 720 مليون شخص، 27 في المائة من اجمالي عدد غير المتصلين بالإنترنت حول العالم، على الرغم من أن سكان هذه الدول لا يمثلون سوى 14 في المائة فقط من سكان العالم.
ووجدت دراسة الاتحاد الدولي للاتصالات أيضاً أن التحدي المتمثل في توصيل المجتمعات بالإنترنت أصبح أكثر تعقيدا خلال العقد الماضي من مجرد بناء اتصالات مادية. فحتى بين أولئك الذين يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، لم يفعل الكثيرون ذلك بسبب الحواجز التي تتراوح من الوعي إلى المهارات إلى التكلفة.
من بقع الضوء وسط هذه التحديات برنامج عمل الدوحة – وهو مخطط لتجديد الالتزام والمشاركة بين أقل البلدان نمواً وشركائها في التنمية، بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني والحكومات على جميع المستويات.
ويحث هؤلاء الشركاء على تقديم دعم إضافي وكبير لأقل البلدان نمواً “لضمان وصول ميسور التكلفة وموثوق إلى شبكات النطاق العريض والاتصالات الجوالة وشبكات الـ Wi-Fi”.
وخلال إحدى المناقشات التي دارت اليوم، قالت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات دورين بوجدان مارتن إن التنمية الرقمية لأقل البلدان نمواً من خلال العلم والتكنولوجيا والابتكار “ليست مجرد فرصة، بل هي ضرورة حتمية وواجب أخلاقي”.
وأضافت: “أعتقد أن من مسؤوليتنا جعل الاتصال ذي مغزى وأن نجعل التحول الرقمي مستداما”.
خلال الفترة المتبقية من المؤتمر، الذي يمتد حتى 9 آذار /مارس، سيسلط الاتحاد الدولي للاتصالات الضوء على أهمية التعاون الرقمي في تسريع وتحقيق خطة عمل الدوحة وأهداف التنمية المستدامة، لا سيما من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص مثل الائتلاف الرقمي في الشراكة من أجل التوصيل (Partner2Connect)، والذي حشد حتى الآن أكثر من 600 تعهد بقيمة 30 مليار دولار تقريبا.