صندوق الاستثمارات السعودي يُخفّض تقييم مشاريعه بـ8 مليارات دولار وسط ضغوط مالية

by hayatnews
0 comment

في ظل تراجع أسعار النفط والتحديات الاقتصادية العالمية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) عن خفض قيمة بعض مشاريعه الرئيسية بمقدار 8 مليارات دولار، في مؤشر على الضغوط المالية التي تواجهها المملكة في سعيها لتنفيذ رؤية 2030 الطموحة.

ويأتي هذا التعديل وسط دعوات متكررة من الصندوق لتكثيف مشاركة القطاع الخاص في دعم المشاريع العملاقة التي تقودها المملكة.

وخلال كلمته الافتتاحية في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” السنوي في الرياض، أكد محافظ الصندوق ياسر الرميان على التقدم الذي أحرزته المملكة منذ إطلاق رؤية 2030 قبل تسع سنوات، وقال: “يمكنك رؤية النتائج في كل مكان — مدن جديدة، صناعات جديدة، أنظمة بيئية وسلاسل توريد جديدة”.

وأضاف أن المشاريع العملاقة مثل مدينة نيوم ومبادرات الطاقة المتجددة والابتكار الصناعي تمثل خطوات ملموسة نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

لكن الواقع المالي الصعب فرض تحديات على الصندوق. فقد سجل صافي أرباحه انخفاضًا حادًا في العام الجاري، متأثرًا بارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والخسائر في بعض المشاريع، ما دفع إلى إعادة تقييم بعض أصوله وخفض قيمتها بمليارات الدولارات.

ويشير هذا التراجع إلى الضغوط التي يواجهها الصندوق في تنفيذ خطط استثمارية طموحة تتطلب تمويلًا ضخمًا وإدارة دقيقة للمخاطر.

وفي خطاب أمام قادة ماليين عالميين، بينهم الرئيس التنفيذي لبنك غولدمان ساكس ديفيد سولومون ورئيس بنك جي بي مورغان جيمي ديمون، شدد الرميان على الحاجة إلى مراجعة الأولويات واعتماد نماذج أعمال واستثمارية جديدة، قائلاً إن “النماذج القديمة لم تعد صالحة للغرض”.

ودعا إلى تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان استدامة المشاريع الكبرى وتحقيق العوائد المرجوة منها.

ويبرز دور القطاع الخاص كركيزة أساسية في استراتيجية الصندوق، إذ يسعى PIF إلى جذب مستثمرين قادرين على المساهمة في تمويل المشاريع العملاقة وتقديم الخبرات الضرورية في الصناعات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتقنيات المستقبلية.

ويشير الصندوق إلى أن مشاركة القطاع الخاص ليست مجرد مسألة تمويل، بل تشكل عنصرًا حيويًا لنقل المعرفة والتقنيات المتقدمة إلى السوق السعودية.

وتأتي تصريحات الرميان قبل إطلاق الصندوق خارطة استثماراته لعام 2026 وما بعدها، التي تتضمن تنويع الأصول عالميًا، وزيادة المشاركة في المشاريع العملاقة داخل المملكة وخارجها، مع التركيز على استثمارات استراتيجية في شركات عالمية كبرى.

ومن أبرز أمثلة ذلك دوره في صفقة الاستحواذ على شركة “إلكترونيك آرتس” بقيمة 55 مليار دولار، والتي يُتوقع أن تكون أكبر صفقة استحواذ بالرافعة المالية في التاريخ، ما يعكس قدرة الصندوق على إدارة استثمارات ضخمة وتحقيق عوائد استراتيجية.

وعلى الصعيد الداخلي، أعلن الصندوق عن خططه لزيادة الإنفاق السنوي على المشاريع المحلية إلى نحو 70 مليار دولار بعد عام 2025، في خطوة تعكس التزامه بدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية.

ويؤكد PIF أن هذه الاستثمارات الداخلية ستتكامل مع جهوده العالمية لضمان استدامة العوائد المالية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط.

وتعكس التحركات الأخيرة للصندوق التحديات المعقدة التي تواجه المملكة، بما في ذلك عجز الموازنة وضغوط أسعار النفط، إلى جانب الحاجة إلى إدارة المشاريع العملاقة بحكمة وتكثيف الشراكات مع القطاع الخاص.

ومع ذلك، يبقى صندوق الاستثمارات العامة محورًا رئيسيًا في جهود المملكة لتحقيق أهداف رؤية 2030، وضمان تحول اقتصادي طويل الأمد ومستدام.

ويظهر تقرير الصندوق وإعادة تقييم أصوله بمليارات الدولارات أن المملكة تتحرك بخطى حذرة لكنها استراتيجية نحو تحقيق طموحاتها الاقتصادية، مع تعزيز دور القطاع الخاص وتبني نماذج استثمارية أكثر مرونة وواقعية، بما يضمن استمرار التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل الوطني في ظل بيئة مالية عالمية متقلبة.

You may also like

Leave a Comment