واشنطن بوست: مفاوضات ترامب مع روسيا حول أوكرانيا تسير نحو “الأرض مقابل السلام”

by hayatnews
0 comment

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن مفاوضات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع روسيا حول أوكرانيا تسير نحو “الأرض مقابل السلام” فيما الضمانات الأمنية والتفاصيل المعقدة لا تزال قيد النقاش، لكن هناك مؤشرات على حدوث تقدم.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في منشور يوم الخميس، كتب الرئيس دونالد ترامب: “دعونا نُنْهِ اتفاق السلام الآن!”، معبرًا عن نفاد صبره. ومع ذلك، أفاد مسؤولون أميركيون وأوروبيون وأوكرانيون بوجود إشارات على حدوث تقدم في التوصل إلى اتفاق قد ينهي الحرب في أوكرانيا.

ورغم أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن، إلا أن هناك تحركًا باتجاه صيغة “الأرض مقابل السلام”، والتي من المرجح أن تُشكل أساس أي اتفاق.

ووفقًا لخطة أمريكية تشكل الأساس لهذه المناقشات، ستستمر روسيا في إدارة المناطق الخمس التي تحتلها حاليًا، دون أن تتنازل أوكرانيا رسميًا عن السيادة عليها. وقد تعترف الولايات المتحدة بشكل غير مباشر بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، لكن أوكرانيا لن تفعل ذلك.

أما الضمانات الأمنية فسيتم التعامل معها بصيغة دقيقة. فلن تنضم أوكرانيا إلى الناتو، لكنها ستحتفظ في دستورها بالعبارة التي تعلن عن نيتها في ذلك. ومن جهتها، ستقبل روسيا بحق أوكرانيا في الحصول على “ضمانات أمنية قوية بعد الحرب” — وهي عبارة تُفهم على أنها تعني وجود قوات أوروبية — دون الإشارة إلى مطلبها السابق بجعل أوكرانيا دولة محايدة ومنزوعة السلاح.

مسألة حاسمة أخرى هي دور الولايات المتحدة كضامن لاتفاق وقف إطلاق النار والأمن بعد الحرب لكل من أوكرانيا وشركائها الأوروبيين.

وقال مسؤولون أوروبيون إنهم يتوقعون استمرار الدعم الاستخباراتي الأمريكي حتى تتمكن كييف وداعموها من رصد أي هجوم روسي محتمل.

كما يريد الأوروبيون من الولايات المتحدة أن تكون بمثابة “داعم خلفي” لقوات الردع الأوروبية التي ستنتشر بعد الحرب، لضمان أن ترامب سيوفر الدعم في حال وقوع هجوم روسي. ويتوقع المسؤولون الأوروبيون أن يلقى التزامهم بإرسال قوات موافقة أمريكية، لكنهم لم يتلقوا تأكيدًا صريحًا بعد — وبدونه، قد لا يقدمون على إرسال قوات.

وقد طلب الأوروبيون في اجتماع الأربعاء بلندن من فريق ترامب تعديل بعض بنود خطته لتلبية المخاوف الأوكرانية. وتشمل هذه التعديلات: القبول الصريح بحق كييف في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مستقبلًا، وتوضيح أفضل لدعم أمريكا للضمانات الأمنية، وتحديد أوضح لخط وقف إطلاق النار بين الطرفين.

وقال السفير الأمريكي السابق لدى كييف، ويليام تايلور الابن: “هذه البنود تقع ضمن نطاق التفاوض، ومع بعض الجهد يمكن إنجاز الاتفاق.”
وأعرب مسؤول أوروبي رفيع، أُطلع على المحادثات، عن بعض التفاؤل: “هناك شعور بالتقدم في الوقت الحالي.”

واتفق الجنرال المتقاعد كيث كيلوغ، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا، على أن مناقشات الأربعاء في لندن كانت “إيجابية”.

الإطار العام للخطة يبدو أنه يحتوي على صيغ غامضة، كما هو معتاد في العديد من الاتفاقيات الدبلوماسية، ما يتيح لكل طرف تفسيرها سياسيًا لصالحه داخليًا. لكن الخطر هو أن هذا الاتفاق قد يُغفل المسألة الاستراتيجية الكبرى: هل لا تزال روسيا تمثل تهديدًا هجوميًا للغرب؟

ويتفق القادة العسكريون الأمريكيون مع نظرائهم الأوروبيين والأوكرانيين في أن الكرملين يشكل تهديدًا، بينما ترى إدارة ترامب في روسيا فرصة اقتصادية.

في شهادته أمام الكونغرس في 3 أبريل، قال قائد قوات الناتو الجنرال كريستوفر كافولي “روسيا تشكل تهديدًا دائمًا للولايات المتحدة وحلفائنا في الناتو وللأمن العالمي.”

وأوضح أنه رغم سقوط نحو 790 ألف قتيل وجريح في الحرب، فإن روسيا تُجنّد حوالي 30 ألف جندي شهريًا، وقوام قواتها الأمامية حاليًا يزيد عن 600 ألف — أي ما يقارب ضعف عدد قوات الغزو في 2022. كما أن إنتاج روسيا الشهري المتوقع من قذائف المدفعية (250 ألف قذيفة) سيمنحها مخزونًا يساوي ثلاثة أضعاف ما لدى الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين.

 

ولفهم المفاوضات بشأن أوكرانيا، من المفيد الإشارة إلى بعض الجوانب غير المألوفة:

أولًا: هناك توزيع للأدوار: يعمل فريق ترامب على إقناع روسيا، بينما يتولى الأوروبيون مسؤولية إقناع أوكرانيا بقبول الشروط. حتى الآن، تنازلات أوكرانيا كانت أكبر بكثير من تنازلات روسيا، وحذر المفاوضون الأوروبيون هذا الأسبوع فريق ترامب من أن كييف قد ترفض الاتفاق إذا لم تُبدِ موسكو مزيدًا من المرونة.

ثانيًا: المفاوضات ترافقها حملة صاخبة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي يوم الأربعاء، هاجم ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما يفعل بشكل متكرر، وكتب: “نحن قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق، لكن الرجل الذي ‘لا يملك أوراقًا ليلعبها’ يجب أن يُنهي الأمر الآن.”

وفي نفس المنشور، قدم ترامب تطمينًا مهمًا قائلًا: “لا أحد يطلب من زيلينسكي الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأراضٍ روسية.”

ورد زيلينسكي بتخفيف لهجته في منشور لاحق، قال فيه إن “المشاعر كانت مشحونة” لكنه أضاف أن “المفاوضات تقرّبنا من السلام.”

ثالثًا: من سمات هذه المفاوضات أسلوب ترامب المتعجل والعشوائي. فالمحادثات الدبلوماسية عادة ما تتطلب أسابيع من التحضير — لكن ليس في هذه الحالة. وصف مسؤول مطّلع على الخطة الأمريكية المقترحة بأنها “مجرد مسودة” أكثر منها خطة مفصلة.

ورغم حديثه الأسبوع الماضي عن احتمال انسحابه من المفاوضات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبًا، فإن فريقه كان يركز بشدة هذا الأسبوع على ملف أوكرانيا، حيث يسعى مستشاروه لتحقيق انتصار سياسي ضروري لرئيس تعرض مؤخرًا لانتقادات واسعة بسبب فشل التعريفات الجمركية.

وفي حين أن أوروبا ستوفر الجانب العسكري لضمانات ما بعد الحرب، فإن الخطة الأمريكية تتصور أيضًا دورًا أمريكيًا ميدانيًا — من خلال إدارة محطة الطاقة النووية في زابوريجيا جنوب أوكرانيا، التي ستزود الطرفين بالطاقة.

وجود الأمريكيين هناك قد يُمثل “خطًا أحمر” لردع أي هجوم روسي. وينطبق الشيء ذاته على الاقتراح بأن تشارك الولايات المتحدة في أرباح الثروات المعدنية والموارد الطبيعية الأوكرانية. هذا التحرك يمنح أمريكا حصة اقتصادية، ويجعلها طرفًا مستفيدًا من استقرار ما بعد الحرب.

You may also like

Leave a Comment