أكاديمية أمريكية تستقيل احتجاجا على علاقات مشبوهة مع الإمارات

by hayatnews
0 comment

أعلنت البروفسيورة الأمريكية هيلاري ماتفس استقالتها من البرنامج المعني بالتطرف في مركز الأمن الإلكتروني والوطني بجامعة جورج واشنطن (GWU) احتجاجا على إقامة علاقات مشبوهة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقالت ماتفس على حسابها الشخصي في تويتر “في ضوء التقارير الأخيرة، لم أعد أعمل لبرنامج GWU بشأن التطرف (..) لا يمكنني الاستمرار في الانتماء بحسن نية في ضوء هذه المعلومات الجديدة الخاصة بي”.

وجاءت استقالة الأكاديمية الأمريكية بعد انفضاح إقامة مدير البرنامج لورينزو فيدينو علاقات مشبوهة مع دولة الإمارات بما في ذلك مركز هدايا الإماراتي ومركز تريندز للبحوث والاستشارات ومقره دبي.

إذ كشفت مجلة (NEW YORKER) الأمريكية، عن أسرار تعاقد دولة الإمارات العربية المتحدة مع شركة استخبارية سويسرية في مهمة حملة تشويه أطلقتها أبوظبي ضد مؤسسات إسلامية في أوروبا.

وقالت المجلة في تحقيق مطول لها ترجمه المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، إن الإمارات استعانت بشركة للتجسس والاختراق لمحاربة وتشويه سمعة عشرات المنظمات والمؤسسات ذات المرجعية الإسلامية في أوروبا منذ مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي.

وأوضح التحقيق الذي أجراه الصحفي الأمريكي ديفيد كيركباتريك، أن حملة التحريض والاختراق الإماراتية للمؤسسات الإسلامية تصاعدت عقب “الانقلاب العسكري” على الرئيس المصري محمد مرسي عام 2013.

وأظهر التحقيق أن الإمارات استهدفت بوسائل متعددة التحريض على المؤسسات الإسلامية في أوروبا، بما في ذلك استخدام شركة “ألب سيرفيسيز”، للاستخبارات والتأثير المثيرة للجدل بأساليبها.

وكشف التحقيق أن الإمارات كانت تدفع ماريو بريرو مؤسسة شركة ألب مائتي ألف يورو شهريًا لتحديد مواقع الأهداف ومهاجمتها في جميع أنحاء أوروبا.

وأفاد التحقيق بأن الإمارات التي تخشى أسرها الحاكمة من تأثير ثورات الربيع العربي عليها، استخدمت شركة “ألب سيرفيسيز” لاستهداف منظمات ومؤسسات وشركات مملوكة في أوروبا كان أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين من بين مؤسسيها.

واعتبر أن أكبر حملة دبرتها الإمارات كانت ضد منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، وهي مؤسسة خيرية دولية كبرى تأسست عام 1984 على يد عصام الحداد، الذي عاد لاحقا إلى مصر ولعب دورا بارزا في جماعة الإخوان المسلمين.

وقال التحقيق إن الإمارات، ومنذ انقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي في مصر عام 2013، وضعت عشرات المنظمات والمؤسسات على ما تعتبرها “قائمة إرهاب”، وشرعت بتشويه صورتها في الغرب لتقويض نشاطها.

وأوضح أنه من بين المنظمات التي استهدفتها الإمارات: مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، والجمعية الإسلامية الأمريكية، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، والمنظمة الخيرية الدولية.

التقى معد التحقيق الصحفي كيركباتريك مع حازم ندا، وهو رجل أعمال أمريكي متزوج من سيدة سعودية، ونجل يوسف ندا القيادي في الإخوان المسلمين ومفوضها السابق للعلاقات الدولية، وهي الجماعة التي ينتمي إليها مرسي وشاركت في ثورات الربيع العربي التي أطاحت بحكام، بينهم الرئيس المصري حسني مبارك (1981-2011).

وقال حازم إنه تلقى عام 2017 رسالة نصية من شركة الهاتف المحمول تسأله عن مستوى خدمة العملاء، لكن الرسالة أثارت شكه فاتصل بصديق في الشركة، ليكتشف حازم أن شخصا انتحل هويته وحصل على نسخ من سجل مكالماته.

وفي خريف 2017، تلقى مكالمة زائفة، إذ اتصل به رجل تظاهر بأنه يمثل “سيتي بنك” وطلب منه معلومات مصرفية عن شركة “لورد إنيرجي” لنقل السلع والنفط التي يمتلكها حازم، مدعيا أنه تحويل أموال إلى الشركة، بحسب كيركباتريك.

وأضاف أن حازم أسس تلك الشركة في 2008 واضطر إلى أن يثبت لكل مصرفي يتعامل معه أنه لا علاقة لها بوالده، لكن موقع “أفريكا إنتليجنس” المختص في الشؤون الاستخباراتية اعتبر أن “لورد إنيرجي” تمثل “تجسيدا جديدا للشركة العائلية”، في إشارة إلى ارتباطها بالأب ندا.

وأردف: في البداية، اعتقد حازم أن ما يواجهه كان “مؤامرة من منافس”، لكن في 5 يناير/ كانون الثاني 2018، كتب الصحفي السويسري سيلفان بيسون مقالا في صحيفة “لوتون” بجنيف زعم فيه أن “لورد إنيرجي” هي “غطاء لخلية للإخوان المسلمين”.

وأضاف بيسون، وهو مؤلف كتاب زعم فيه أن يوسف ندا متورط في “مؤامرة إسلامية”، أن “أبناء القادة التاريخيين للتنظيم تحولوا نحو الاستثمار في قطاع النفط والغاز”.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ نشر “أفريكا أنتليجنس” تقريرا جديدا زعم فيه أن موظفي “لورد إنيرجي كانوا “نشطين في المجالين السياسي والديني”، وتضمن محتوى “ويكيبيديا” حول الشركة مزاعم عن صلتها بالإرهاب، وفقا لكيركباتريك.

وأضاف أنه ظهرت أيضا أخبار على مواقع إلكترونية، بينها منصة “ميديوم”، بعناوين منها: “لورد إنيرجي: الشركة الغامضة التي تربط بين (تنظيم) القاعدة والإخوان المسلمين”، و”شركة الإخوان المسلمين التجارية لورد إنيرجي مرتبطة بكريدي سويس (بنك)”.

و”بعد ستة أشهر من أول محتوى لأفريكا أنتلجنس عن الشركة، أدرجت وورلد تشيك (قائمة التحقق العالمية) وهي قاعدة بيانات تعتمد عليها البنوك لفحص هوية العملاء، كلا من حازم ولورد إنيرجي ضمن الفئة الخطيرة التي لها علاقة بالإرهاب، مما أدى إلى انسحاب خمس مؤسسات مالية من مفاوضات مع حازم وإلغاء بنك “يو بي إس” لحسابه الشخصي وحساب والدته”، بحسب كيركباتريك.

وأردف أنه بعد تسعة أيام، حذفت قائمة التحقق العالمية اسم حازم من القائمة، وكتب أحد محاميها رسالة اعتذار إلى حازم مفادها أنه “تم ارتكاب خطأ” بالإضافة إلى “خطاب اعتذار” يمكن عرضه على المقرضين للشركة.

واستدرك: “لكن الضرر الناجم عن ربط القائمة لحازم بالإرهاب أصبح ملموسا، ففي ديسمبر/ كانون الأول 2018، وبعد فترة طويلة من التعامل، توقف “كريدي سويس” عن التعامل مع “لورد إنيرجي”.

وقال كيركباتريك إن المدعي السويسري السابق ديك مارتي حاول مساعدة حازم، وذهب معه إلى مكتب المدير الإقليمي لـ”يو بي إس” لتوضيح الأمر، فرد المدير بأن ظهور علاقة للشركة بالإرهاب كان سببا كافيا ليلغي البنك حساب حازم ووالدته بغض النظر عن الحقيقة.

وأضاف: مارتي يعتقد أن حملة من المزاعم  دمرت ثروة والد حازم، والسيناريو ذاته يتكرر اليوم مع الابن. وبينما كان مارتي يعرف سبب كره مبارك ليوسف، فإنه لم يستطع فهم سبب استهداف حازم؛ حيث قال مارتي “إنه (حازم) ليس من المتشددين”.

وجراء أضرار حملة التشويه الممنهجة، لم تعد “لورد إنيرجي” قادرة على تمويل شحناتها واضطرت إلى تسريح موظفيها، بحسب كيركباتريك.

وتابع: أما حازم فأصبح مرتبكا لا يستطيع النوم، وفي ليلة تناول حبة دواء للأرق، لكن تأثيرها لم يدم طويلا، فاستيقظ على نوبة هلع وهو يرتجف. وقال لي: كنت أركض وأصرخ كالمجنون لمدة 6 ساعات، وعندما نقلتني عائلتي إلى المستشفى أعطاني الطبيب مخدرا يكفي لتخدير فيل.. واستمرت نوبات الهلع لعدة أشهر.

وقال حازم: “الدائنون كانوا يطاردونني من جميع أنحاء العالم: الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والجابون.. الأمر كان مريعا”.

وفي أبريل/ نيسان من ذلك العام، أوقفت “لورد إنيرجي” عملياتها وسعت إلى الحصول على الحماية من الإفلاس، وفقا لـكيركباتريك.

وأردف: ولاحقا، اشتكى حازم للشرطة السويسرية من أن شخصا ما كان ينظم حملة لتشويه سمعته، وبعد تحقيق سريع التقى به ضابط لشرح سبب إغلاق ملف القضية، وعندما غادر الضابط الغرفة لبضع دقائق وجد حازم نفسه وحيدا مع الملف.

وعلى أمل الحصول على إجابات، سارع إلى الاطلاع على الملف، وفوجئ، كما أخبرني، بأن الضابط كتب ملاحظات تصفه بأنه مصاب بــ”جنون العظمة”. فيما رفضت الشرطة والمدعي العام التعليق، بحسب كيركباتريك.

كيركباتريك قال إنه بعد لقاء حازم مع الضابط السويسري، أرسل رسالة عبر البريد الإلكتروني الخاص بشركة “ألب سيرفيسيز” يشكو فيها من “الاحتيال والاتصالات المخادعة للحصول على معلومات”، مقترحا حل المسألة “وديا”. لكنه لم يتلق أي رد.

وأضاف: ومطلع 2021، أرسل رسالة أخرى إلى الشركة، مهددا بـ”التداعيات الشخصية والمهنية على الوكلاء والشركة”، إذا لم تصحح المزاعم الكاذبة التي يبدو أنها انتشرت عن صلته بالإرهاب مما أدى إلى انهيار شركته.

وفي أبريل/نيسان من ذلك العام، وبينما كانت زوجته على وشك أن تضع طفلهما الثاني، تلقى حازم رسالة من رقم فرنسي ادعى فيها المرسل المجهول أنه يتحدث نيابة عن مخترقين اخترقوا حسابات “ألب سيرفيسيز” على الإنترنت، وفقا لكيركباتريك.

وتابع: كدليل، قدَّم المرسل إلى حازم نسخة من رسالة التهديد التي أرسلها إلى بريد الشركة.. كان رأس حازم مشوشا: هل هذه خدعة من الشركة نفسها؟. ثم أطلعه المرسل على رسائل بريد إلكتروني داخلية للشركة توجه نشطاء لكتابة مقالات على الإنترنت تصفه بأنه متطرف.

وأضاف أن المخترقين طلبوا من حازم 30 مليون دولار من العملات المشفرة مقابل حصوله على ملفات “ألب سيرفيسيز” وبينها رسائل البريد الإلكتروني والعروض والتقارير والصور والفواتير، والمكالمات الهاتفية المسجلة، لكنه أبلغه أنه ليس قادرا على دفع هذا المبلغ.

خلال يومين من الاتصال الأول، أبلغ حازم السلطات السويسرية بالأمر، وتوجه عميل الاستخبارات أنطونيو كوفر إلى المستشفى، حيث كانت زوجة حازم تلد، والتقط صورا للرسائل المشفرة، بحسب كيركباتريك.

وأضاف أنه يبدو أن الصحفي الفرنسي اللبناني رولان جاكار، الذي يدعي أنه خبير في “التطرف السري للمسلمين الأوروبيين”، هو مَن أوصى الإماراتيين بالاستعانة بخدمات ماريو بريرو صاحب “ألب سيرفيسز” المعنية بالتجسس والاختراق.

وأوضح أن ملفات الشركة التي جرى اختراقها تتضمن مذكرات مكتوبة بخط اليد لجاكار حول الاستعداد لشن حملة ضد قطر والإسلاميين الفرنسيين، فيما تُظهر السجلات المالية أن الشركة دفعت له عمولة 10% على عقودها مع الإمارات.

وبين يونيو/ حزيران 2017 ويناير/ كانون الثاني 2021، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر؛ بزعم علاقتها بالإرهاب، وهو ما نفته الدوحة واتهمت الدول الأربع بمحاولة مصادرة قرارها السيادي.

وقال كيركباتريك إنه في أغسطس/آب 2017، وصل بريرو إلى فندق فيرمونت بأبوظبي في ضيافة حكامها، وكان قد أعد حوارا من 14 صفحة لإقناع الإماراتيين بالدفع له لمواجهة قطر وحلفائها من الإخوان المسلمين.

وكتب بريرو في ملاحظاته: “نهدف إلى تشويه سمعة أهدافنا بنشر المعلومات المحرجة والمُسومة بتكتم وعلى نطاق واسع.. في أعين وسائل الإعلام سيظهر المستهدفون على أنهم منحرفون أو فاسدون أو متطرفون”.

وأضاف أن اسم العميل الإماراتي للشركة كان مؤسسة إماراتية تسمى “أرياف للدراسات والبحوث”، لكن ملفات الشركة توضح أن الفواتير ذهبت إلى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وتابع أن بريرو خاطب مضيفه باسم مطر، والصور التي التقطها أحد عملاء الشركة في اجتماعات بأبوظبي تتطابق مع مطر حميد النيادي، مساعد مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد شقيق رئيس البلاد.

وأردف أن بريرو سجل في عملية تدقيق داخلية أن الإمارات وافقت على ميزانية أولية من 4 إلى 6 أشهر مقابل مليون ونصف المليون يورو للحصول على دليل ملموس حول قطر والإخوان المسلمين في أوروبا.

أما بالنسبة لحازم ندا، فقال كيركباتريك إن اسمه لم يرد في نقاط حديث بريرو، الذي اقترح في البداية استهداف متعاطفين مع الإخوان، لكن يبدو أن فكرة استهداف حازم نشأت في محادثات مع الصحفي بيسون.

وزاد بأنه في أول تقرير رسمي لبريرو إلى الإماراتيين، بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، كتب: “لماذا حازم ندا؟”. واستندت إجابته في 48 صفحة إلى افتراض أن حازم امتداد لوالده قائلا: “يوسف ندا الآن مليونير يبلغ من العمر 86 عاما، ومن الطبيعي أن يسلم أعمال العائلة إلى الجيل القادم”.

You may also like

Leave a Comment