في خطوة تكشف عن التوتر المتزايد بين واشنطن وتل أبيب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن جولة خارجية تشمل السعودية وقطر والإمارات، لكنه قرر هذه المرة عدم زيارة إسرائيل. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتجاهل فيها ترامب تل أبيب ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
ومنذ توليه منصب الرئاسة، عمد ترامب إلى تقليص دور إسرائيل في بعض القضايا الأساسية، متجاوزًا بشكل متكرر القيادة الإسرائيلية. من المفاوضات النووية مع إيران إلى محاولات التفاوض بشأن إطلاق سراح الرهائن مع حماس، بدا ترامب وكأنّه يهمّش نتنياهو، وهو ما أثار قلقًا عميقًا في إسرائيل، التي اعتادت أن تكون شريكًا استشاريًا رئيسيًا للإدارات الأميركية السابقة.
في الأسبوع الماضي، عبرت تل أبيب عن قلقها بعد أن أعلن ترامب عن هدنة مع الحوثيين في اليمن، لكنها لم تشمل إسرائيل، وهو ما أثار شكوكًا بشأن الأولوية التي تمنحها إدارة ترامب للحليف الإسرائيلي. كما أفادت التقارير أن ترامب يدرس منح السعودية إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا النووية المدنية من دون مطالبة الرياض بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وهو شرط كان قد وضعه الرئيس السابق جو بايدن.
على صعيد آخر، خرج القيادي في حماس، خليل الحية، ليعلن عن استعداد الحركة للإفراج عن الرهينة الإسرائيلي الأميركي إيدان ألكساندر، إثر مفاوضات مباشرة مع مسؤولين أميركيين، مما فاقم التساؤلات في إسرائيل حول ما إذا كانت أمريكا ستواصل تهميش حليفتها التاريخية.
وقد عبر العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن قلقهم من سياسات ترامب. وقال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، مايكل أورين، إن هذا الوضع “مقلق”، في حين وصف شالوم ليبنر، مستشار نتنياهو السابق، ما يجري بـ “حالة من الذعر الكامل” في القدس. وتفاقمت هذه المخاوف إثر تصريحات لدينيس روس، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، التي أكد فيها أن مخاوف إسرائيل بشأن مفاوضات ترامب مع إيران وغيرها من القضايا “لا يتم أخذها بعين الاعتبار”.
من جهته، دافع السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هَكابي، عن إدارة ترامب في تصريحات بثتها قناة تلفزيونية إسرائيلية، حيث أكد أن الولايات المتحدة ليست ملزمة بالحصول على إذن من إسرائيل لإبرام اتفاقيات دولية.
في داخل إسرائيل، استشعر بعض المراقبين تحولًا مفاجئًا في العلاقة مع ترامب، رغم الفرحة التي عمّت إسرائيل عقب فوزه في انتخابات 2016. ففي الكواليس، بدأت تظهر شكاوى من حلفاء نتنياهو، إذ زعموا أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، كان يمارس ضغوطًا على رئيس الحكومة الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس. وهناك أيضًا قلق من تفضيل ترامب للتفاوض على الصفقات الاقتصادية مع دول الخليج على تحركات عسكرية تجاه إيران.
أما عن الدور الذي يلعبه ترامب في السياسة الإسرائيلية الداخلية، فقد حاول خصوم نتنياهو استغلال هذا الوضع للتشكيك في قدرة رئيس الوزراء على الحفاظ على علاقة متينة مع واشنطن. في هذا السياق، أشار يائير لابيد، زعيم المعارضة، إلى أن المفاوضات الأميركية المباشرة مع حماس هي “فشل دبلوماسي مخزي” من قبل نتنياهو.
وفي ظل هذه الظروف، بات من الواضح أن إسرائيل تواجه تحديات جديدة في علاقتها مع واشنطن، مما يجعلها تطرح تساؤلات عميقة حول كيفية إعادة تقييم مكانتها في السياسة الأميركية.