هدية قطرية تثير الجدل: طائرة بوينغ للبنتاغون دون مقابل رسمي

by hayatnews
0 comment

وقّع وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، ونظيره القطري، نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع، الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، اتفاقية تحدد شروط “المنحة غير المشروطة” التي قدمتها قطر للبنتاغون على شكل طائرة من طراز بوينغ، وذلك وفقًا لمذكرة تفاهم سرية اطلعت عليها شبكة “سي إن إن”.

وتنص الاتفاقية، التي وُقّعت في السابع من يوليو، على أن الطائرة تُعتبر “هدية حقيقية” من الحكومة القطرية إلى وزارة الدفاع الأمريكية، على أن يتم استخدامها لاحقًا كرئاسة جوية محتملة (Air Force One) من قبل الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب، بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها.

وتؤكد الوثيقة التي حصلت عليها شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن “هذه الهبة تُمنح بحسن نية، وفي إطار التعاون والدعم المتبادل بين الطرفين”، كما جاء فيها بند صريح ينفي أن تكون الهدية مرتبطة بأي شكل من أشكال الرشوة أو النفوذ غير المشروع:

“لا يتضمن أي بند في هذه المذكرة، ولا يجب تفسيره على أنه عرض أو وعد أو قبول لأي شكل من أشكال الرشوة أو التأثير غير المشروع أو الممارسات الفاسدة.”

مفاجأة داخل البنتاغون
المذكرة أثارت حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والعسكرية الأمريكية، خاصة وأن مسؤولي سلاح الجو فوجئوا بمسار الصفقة. فوفقًا لـ”سي إن إن”، كانت التقديرات الأولية لدى سلاح الجو تشير إلى أن أي طائرة من قطر ستُشترى، لا أن تُمنح كهبة مجانية.

لكن عقب الكشف عن تفاصيل المحادثات، وصف ترامب الطائرة في أكثر من مناسبة بأنها “هدية مجانية بالكامل”، وهو ما أكدته لاحقًا المذكرة الرسمية الموقّعة من الطرفين، والتي شددت على أن نقل الطائرة يتم “دون شروط”، ولا يرتبط بأي قرار سياسي أو حكومي، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.

تكاليف التعديل تثير التساؤلات
ورغم أن الطائرة قُدمت دون مقابل، فإن تعديلها لتصبح صالحة للاستخدام الرئاسي – من حيث أنظمة الأمان والاتصالات وغيرها – يتطلب عملية معقدة ومكلفة.

وتفيد المعلومات التي نقلتها “سي إن إن” عن مصادر مطلعة، بأن سلاح الجو الأمريكي يسعى حاليًا إلى تحويل مئات الملايين من الدولارات من ميزانية برنامج “سنتينيل” الخاص بتحديث الصواريخ النووية إلى مشروع سري، يُعتقد أنه مخصص لتعديل الطائرة القطرية.

برنامج “سنتينيل” يهدف إلى استبدال الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات من طراز “مينتمان 3″، وقد تجاوز بالفعل ميزانيته المقررة، مما زاد من حدة الانتقادات الموجهة لأي تحويل لموارده المالية.

وكان سكرتير سلاح الجو، تروي ماينك، قد أبلغ الكونغرس الشهر الماضي أن تعديل الطائرة القطرية “قد” يكلف أقل من 400 مليون دولار، لكن التكلفة النهائية لا تزال سرّية حتى الآن.

جدل أخلاقي وسياسي
الهبة القطرية أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية في واشنطن، خصوصًا بين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، الذين أبدوا تحفظات أخلاقية على الصفقة. ويتساءل معارضو الخطوة عن طبيعة العلاقة بين إدارة ترامب وقطر، وما إذا كانت هذه الهدية تُخفي محاولات تأثير سياسي غير مباشر أو مساومة محتملة في ملفات إقليمية أو دفاعية.

وفي هذا السياق، كشفت “واشنطن بوست” سابقًا عن أن الإمارات كانت قد عبّرت في وقت سابق عن تحفظات على تعيينات معينة في إدارة ترامب، وهو ما أعاد تسليط الضوء على تداخل النفوذ الخليجي في السياسة الأمريكية.

دعوى قانونية للمطالبة بالشفافية
من جهة أخرى، رفعت “مؤسسة حرية الصحافة” دعوى قضائية يوم الإثنين ضد وزارة العدل الأمريكية بموجب قانون حرية المعلومات، لإجبارها على نشر مذكرة قانونية يُقال إن النائب العام بام بوندي قد وقّعتها في مايو، وتبرر قبول إدارة ترامب لهذه “الهدية غير المسبوقة”.

ويُتوقع أن تشكل هذه الدعوى عنصرًا محوريًا في النقاش الدائر في واشنطن حول شفافية العلاقة بين إدارة ترامب وبعض الدول الأجنبية، في ظل حملته الانتخابية الحالية التي تشهد تركيزًا متزايدًا على قضايا الأمن القومي والفساد السياسي.

الطائرة قيد التعديل
أما على الجانب الفني، فتشير ملاحق الاتفاقية إلى أن سلاح الجو الأمريكي “في طور الانتهاء من تسجيل الطائرة”، وأنه سيباشر قريبًا تنفيذ التعديلات التقنية عليها.

ووفقًا لمصادر “سي إن إن”، فإن الطائرة تقف حاليًا في منشأة بسان أنطونيو بولاية تكساس، بانتظار بدء عملية التحديث الشامل.

وبينما تقدم قطر الطائرة بوصفها “هدية صداقة” ودعمًا استراتيجيًا لحليفها الأمريكي، يرى خصوم الصفقة أن في طيّاتها أبعادًا سياسية وأخلاقية عميقة، خصوصًا إذا ارتبط استخدامها باسم دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية المقبلة.
ومع تصاعد الدعوات للتحقيق والشفافية، تبقى هذه “الهدية غير المشروطة” واحدة من أكثر المبادرات غير المسبوقة في العلاقة بين واشنطن والدوحة في السنوات الأخيرة.

You may also like

Leave a Comment