هجمات الحوثيين تعرقل طموحات السعودية في موانئ البحر الأحمر

by hayatnews
0 comment

الرياض- وجهت هجمات الحوثيين البحرية في البحر الأحمر ضربة موجعة لطموحات المملكة العربية السعودية الاقتصادية في المنطقة، حيث كشفت بيانات جديدة عن تراجع حاد في حركة الشحن البحري، ما يعقّد خطط المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط ضمن إطار “رؤية 2030”.

وفقاً لبيانات من شركة “مارين ترافيك” المتخصصة في تتبع السفن، فقد انخفض عدد سفن الحاويات التي وصلت إلى ميناء الملك عبد الله بنسبة 70% في عام 2024، مقارنة بالعام السابق. وبينما استقبل الميناء 188 سفينة حاويات في 2023، لم ترسُ فيه سوى 59 سفينة خلال 2024، مع تسجيل وصول 51 سفينة فقط حتى الآن هذا العام.

رهانات مليارية على البحر الأحمر تتعرض للخطر
تم افتتاح ميناء الملك عبد الله في عام 2014 بوصفه ركيزة لوجستية لمشاريع المملكة التنموية، وكمركز لإعادة الشحن يربط بين السفن الكبرى والموانئ الإقليمية، إضافة إلى كونه منفذًا أساسيًا لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية.

لكن بحسب مسؤولين تنفيذيين في الموانئ تحدثوا لـ”ميدل إيست آي”، فإن الميناء اليوم يشهد “ركودًا غير مسبوق”. أحد هؤلاء المسؤولين صرح قائلاً: “الأعمال في ميناء الملك عبد الله سيئة للغاية لدرجة أن المالكين لا يستطيعون بيع محطة الحاويات حتى لو أرادوا ذلك”.

ويتشارك الميناء في ملكيته صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع شركاء من شركات إماراتية وسعودية خاصة، مثل “إعمار” و”هوتا”.

أثر أقل على ميناء جدة الإسلامي
بينما تأثرت حركة الشحن بشكل أكبر في ميناء الملك عبد الله، كان التأثير أقل نسبيًا على ميناء جدة الإسلامي، الذي شهد انخفاضًا بنسبة 14% فقط في عدد السفن الوافدة، ما يعكس دوره كميناء مخصص للواردات المباشرة وليس لإعادة التوزيع.

وقال أحد المسؤولين: “ميناء جدة صمد لأنه يخدم السوق المحلية مباشرة، بينما تضرر ميناء الملك عبد الله لأنه يعتمد على إعادة الشحن الذي تراجعت شركات الشحن عن تنفيذه عبر البحر الأحمر”.

السفن تتجه شرقًا نحو الدمام
مع ازدياد التهديدات في البحر الأحمر، أصبحت شركات الشحن – لا سيما الآتية من آسيا – تفضّل الرسو في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام على الخليج العربي، رغم المسافة الإضافية.

وقال مسؤول تنفيذي: “سيارات BYD الصينية، على سبيل المثال، باتت تُشحن إلى الدمام بدلاً من البحر الأحمر، لأنه أكثر أمانًا”.

الحوثيون و”حرب الممرات البحرية”
بدأت جماعة الحوثي المسلحة في اليمن استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، وقالت إن عملياتها تأتي دعمًا للفلسطينيين في غزة. ورغم توقف الهجمات خلال هدنة مؤقتة مطلع 2024، استؤنفت مؤخرًا، وكان أبرزها غرق سفينتين يونانيتين.

ورغم إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة قصف واسعة النطاق ضد الحوثيين، أفاد دبلوماسيون بأن الرياض حثّت واشنطن على وقف هذه العمليات، خشية التصعيد قبيل زيارة ترامب للخليج في مايو الماضي.

وفي زيارة استخباراتية إلى واشنطن، نقل مسؤولون مصريون رسالة مفادها أن “وقف إطلاق النار في غزة هو السبيل الوحيد لوقف هجمات الحوثيين”، مشيرين إلى غياب الرغبة في العودة إلى الحرب.

تأثيرات اقتصادية على السعودية ومصر
لم تكن السعودية وحدها من تضررت؛ فقد تحمّلت مصر العبء الاقتصادي الأكبر نتيجة تراجع حركة السفن عبر قناة السويس، التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للعملات الأجنبية في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة هناك.

أما السعودية، فقد كان البحر الأحمر حجر الزاوية في استراتيجية “رؤية 2030″، التي تسعى إلى جعل الساحل الغربي مركزًا للموانئ والسياحة والصناعة. غير أن مشاريع مثل نيوم باتت تواجه تأخيرًا وتقليصًا، وسط انخفاض أسعار النفط وتردد المستثمرين الأجانب.

وقال روبرت موجيلنيكي، الباحث في معهد دول الخليج العربية: “يُعد البحر الأحمر البعد الأهم في خطة تنمية السعودية غير النفطية… لكن هجمات الحوثيين باتت تعرقل هذا التوجه”.

مستقبل ضبابي لموانئ السعودية
رغم الاستثمارات الهائلة من السعودية والإمارات ومصر في بناء الموانئ، يشير التنفيذيون إلى أن الطاقة الفائضة تفوق حجم التجارة الحقيقي، ما يضع علامات استفهام حول الجدوى الاقتصادية على المدى القصير.

وفي ظل استمرار تهديدات الحوثيين، واتجاه السفن نحو الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، يبدو أن البحر الأحمر – الذي كان يُفترض أن يكون بوابة السعودية إلى المستقبل – قد تحول مؤقتًا إلى “عنق زجاجة استراتيجي” يُعرقل طموحات المملكة التجارية والاقتصادية.

You may also like

Leave a Comment