وافق مجلس النواب المصري بشكل مبدئي على مشروع قانون يهدف إلى تعديل قانون اللجوء في البلاد، وذلك بعد احتجاجات من جانب تحالف من جماعات حقوق الإنسان التي تقول إن مشروع القانون يشكل خطرا على حقوق أولئك الذين يسعون إلى ملاذ آمن في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
وفي الجلسة العامة التي عقدت يوم الأحد، والتي بثتها بعض القنوات التلفزيونية الرسمية، وافق مجلس النواب “من حيث المبدأ” على مشروع القانون الجديد، والذي تم دفعه إلى المجلس بعد مراجعة إيجابية من قبل لجنتي الدفاع والأمن القومي في البرلمان الأسبوع الماضي.
وبموجب القانون المصري، فإن موافقة البرلمان “من حيث المبدأ” تعني أن أغلبية أعضاء المجلس يرون أن محتويات مشروع القانون مناسبة.
ويتعين على البرلمان مناقشة تفاصيل مشروع القانون قبل أن يعطي موافقته النهائية. ثم يتعين على الرئيس التصديق على مشروع القانون قبل أن يصبح قانوناً.
وتقول منظمات اللاجئين وحقوق الإنسان إن مشروع القانون من شأنه أن ينقل مسؤولية معالجة ورعاية اللاجئين من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى لجنة حكومية مصرية. كما ينص على تنظيم معاملة اللاجئين بموجب القانون المصري.
وسوف يتولى رئيس الوزراء رئاسة اللجنة التي ستكون أعلى سلطة في مصر فيما يتصل بشؤون اللاجئين، حيث تقرر من يحق له الحصول على حق اللجوء. وسوف تراجع اللجنة كل حالة على حدة وتبت في وضع المتقدمين وفقاً لمبادئ توجيهية وصفتها جماعات حقوق الإنسان بأنها “غامضة” هذا الأسبوع.
وقد أثيرت مخاوف من أن مشروع القانون يمنح الحكومة المصرية اليد العليا على الآليات القائمة لمعالجة اللاجئين ، وهي المهمة التي كانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تقوم بها حتى الآن. ومع ذلك، أصرت الحكومة على أنها ستتعاون مع الأمم المتحدة، ولن تحل محلها.
وتقول الحكومة إنها ستمنح اللاجئين حقوقاً للمرة الأولى، بما في ذلك الحق في العمل. وستبدأ اللجنة الدائمة الجديدة لشؤون اللاجئين في معالجة طلبات اللجوء بمجرد إقرار التشريع. لكن السلطات المصرية قالت إن أولئك الذين تتم الموافقة على طلباتهم سيضطرون إلى الخضوع لنفس العملية كل عام.
واتهمت اثنتان وعشرون منظمة حقوقية الحكومة بصياغة مشروع القانون دون التشاور مع أصحاب المصلحة. وقالت إن صياغته غير الواضحة يمكن استخدامها لتقويض حقوق اللاجئين من قبل اللجنة، التي تتكون من وزراء في الحكومة بدلاً من موظفين مستقلين.
وفي يوم السبت، أعلنت جماعات، بما في ذلك المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنها “ترفض بشكل قاطع” مشروع القانون. وقالت إنه جزء من اتجاه أوسع نطاقا في البلاد لتشكيل السياسات دون التشاور مع أطراف خارج الحكومة.
وقال اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنتي الأمن القومي والدفاع في مجلس النواب، إن مشروع القانون يعد إجراء مهما للأمن القومي المصري، ووافق عليه مجلس الوزراء ولجنة حقوق الإنسان والدستور والتشريع في مجلس النواب.
وبموجب القواعد الجديدة، سيتم التعامل مع أي شخص موجود في مصر بشكل غير قانوني باعتباره لاجئًا.
وأضاف أن الهدف الأساسي من القانون هو التعامل قانونيا مع الأجانب الذين يتواجدون في مصر بشكل غير قانوني، مشيرا إلى أن القانون الجديد سيعمل على معاملة كل من يتواجد في مصر بشكل غير قانوني باعتباره لاجئا.
وقد أدت الحروب في غزة والسودان المجاورتين إلى دفع عشرات الآلاف من الأشخاص إلى البحث عن ملجأ في مصر على مدى العامين الماضيين، وتم تسجيل حوالي 818 ألف لاجئ في البلاد لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول.
ومع ذلك، قال العوضي إنه من المرجح أن يكون هناك الكثير من الأشخاص الذين دخلوا بشكل غير قانوني ولم يتم إحصاؤهم.
وقالت المنظمات غير الحكومية إن القانون المقترح يفشل في الالتزام بالمعايير أو الاتفاقيات الدولية لحماية اللاجئين وقد يؤدي إلى إبطال الاتفاقيات الدولية السابقة التي تشكل “العمود الفقري لنظام اللجوء الحالي الذي تشرف عليه المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
وحذرت المنظمات من أن اللجنة الجديدة تفتقر إلى معايير اختيار واضحة لمعالجة طلبات اللجوء، أو متطلبات التدريب وإجراءات التشغيل المتوافقة مع الإطار القانوني الدولي – مما قد يؤدي إلى إضعاف حماية اللاجئين.
وقال العوضي إن مشروع القانون سيتطلب من اللاجئين الذين سُمح لهم بالفعل بالتواجد في مصر من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عرض حالاتهم أمام اللجنة، حيث يتم البت في تصاريحهم في غضون ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب وتجديدها سنويًا.
وأضاف العوضي أن ما إذا كانت دولة المنشأ للاجئ آمنة لعودته لن يؤخذ في الاعتبار في عملية الموافقة بموجب النظام الجديد، مؤكدًا أنه إذا تم رفض الطلب “فإنهم يستطيعون اختيار أي دولة أخرى والذهاب إلى هناك إذا أرادوا”.
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن مشروع القانون يتضمن صلاحيات طوارئ غامضة الصياغة لاتخاذ أي “إجراءات يراها ضرورية” ضد اللاجئين، مما يوسع بشكل غير مبرر أسس إلغاء وضع اللاجئ لأسباب “الأمن القومي” غير المحددة – مما قد يسمح بالعودة القسرية.
كما سيقيد القانون الوصول إلى الحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان للاجئين المعترف بهم فقط، باستثناء أي طالبي لجوء غير معتمدين.
وقد تابع اللاجئون السودانيون المقيمون في مصر عن كثب إقرار مشروع القانون في الوقت الذي تعاني فيه بلادهم من حرب أهلية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليون شخص، سواء داخليا أو إلى البلدان المجاورة.