زار رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، يوم الاثنين، في خطوة تُعد من أبرز المؤشرات على تصاعد الدعم الجمهوري الأميركي للمستوطنات الإسرائيلية، رغم اعتبار المجتمع الدولي لهذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
الزيارة، التي جرت بعيدًا عن البروتوكولات الرسمية، نُظمت من قبل مجموعة ضغط محافظة مؤيدة لإسرائيل، ولم تشمل مشاركة رسمية من السفارات الأميركية أو الإسرائيلية، مما أضفى عليها طابعًا سياسيًا ورساليًا واضحًا، وفقًا لما أوردته صحيفة أكسيوس نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين على تفاصيل الرحلة.
زيارة استثنائية تحمل رسائل رمزية
تكتسب الزيارة أهمية خاصة نظرًا لموقع مايك جونسون بوصفه ثالث أعلى مسؤول في النظام السياسي الأميركي بعد الرئيس ونائبه، وكونه أعلى مسؤول أميركي يزور مستوطنة إسرائيلية حتى الآن.
ورغم أن العديد من أعضاء الكونغرس – خصوصًا الجمهوريين – سبق لهم زيارة مستوطنات في الضفة، إلا أن زيارة رئيس مجلس النواب تُعد سابقة نادرة تحمل رسائل سياسية ودبلوماسية حساسة، خاصة في توقيتها وسط تصاعد التوترات الإقليمية.
وقال الناشط الجمهوري الأميركي-الإسرائيلي مارك زيل، الذي رافق جونسون خلال الزيارة، إن رئيس مجلس النواب وصف الأرض التي زارها بأنها “ملكية شرعية للشعب اليهودي”، وهو تصريح يعكس انحيازًا واضحًا للرواية الإسرائيلية بشأن الضفة الغربية المحتلة، التي تُعد جوهر النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
خلفيات الرحلة ومرافقيه
كان من المقرر أن يقوم جونسون بزيارة رسمية إلى إسرائيل قبل أسابيع، لإلقاء كلمة أمام الكنيست، لكنها تأجلت بسبب اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. ومع ذلك، استؤنفت الرحلة الآن، ولكن في إطار خاص غير رسمي، مع جدول ممتد حتى 10 أغسطس، أي أطول من المدة المعتادة لمثل هذه الزيارات.
ورافق جونسون في زيارته وفد من النواب الجمهوريين البارزين، من بينهم:
مايكل ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب
ناثانييل موران ومايكل كلاود (كلاهما من تكساس)
كلوديا تيني (نيويورك)، رئيسة تكتل “أصدقاء يهودا والسامرة”، وهو تكتل داعم للمستوطنات والضم الكامل لأراضي الضفة الغربية
زيارة “خاصة”.. ومفاجأة للجهات الرسمية
الرحلة لم تُنظم عبر القنوات الرسمية، بل كانت زيارة خاصة تحت إشراف منظمة محافظة تُدعى “جمعية التعليم الأميركية-الإسرائيلية”، أسستها الناشطة هيذر جونستون، والتي تُعرف بدعمها القوي لإسرائيل ولسياسات اليمين الإسرائيلي.
ولم تكن السفارة الإسرائيلية في واشنطن أو وزارة الخارجية الإسرائيلية أو حتى السفارة الأميركية في القدس على اطلاع مسبق بتفاصيل تنظيم الزيارة، بحسب مصادر Axios. وأشارت تلك المصادر إلى أن بعض الجهات الرسمية الإسرائيلية فوجئت بوجود الوفد على الأرض.
كما غاب السفير الأميركي السابق مايك هاكابي، الذي كان يُتوقع حضوره، عن الاجتماعات التي عقدها جونسون مع كل من وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الخارجية جدعون ساعر.
محطات قادمة ومتابعات متوقعة
من المنتظر أن تشمل جولة الوفد زيارة مراكز المساعدات الأميركية-الإسرائيلية في قطاع غزة، التابعة لمؤسسة GHF، وذلك لتفقد الأنشطة الإنسانية المدعومة من الطرفين.
كما يُنتظر أن يلتقي الوفد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ في وقت لاحق هذا الأسبوع، ضمن جدول مزدحم يُتوقع أن يتناول ملفات أمنية وسياسية واقتصادية، وعلى رأسها مستقبل التعاون العسكري وتبعات الحرب الأخيرة مع إيران.
رسائل الزيارة
يرى مراقبون أن زيارة جونسون للمستوطنات تحمل رسالة دعم قوية لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وتُقوّض جهود السلام القائمة على حل الدولتين.
كما تعكس الزيارة تحوّلاً في الخطاب السياسي الأميركي لدى بعض مؤسسات السلطة، خاصة في ظل التنافس الحاد داخل الحزب الجمهوري على نيل تأييد القواعد الإنجيلية الداعمة لإسرائيل، وتُثير تساؤلات حول تأثير السياسة الداخلية الأميركية على مستقبل الصراع في الشرق الأوسط.