كشف المبعوث الأممي للسودان عن موافقة الجيش السوداني والدعم السريع على إرسال ممثلين إلى محادثات تُعقد في السعودية، وبينما تحاول عدة دول أفريقية التوسط بين طرفي الأزمة تتواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب في البلاد
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس -في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس الاثنين- إن طرفي النزاع وافقا على إيفاد ممثلين لإجراء مفاوضات قد تعقد في السعودية
وأوضح بيرتس أن المفاوضات ستركز في البداية على إرساء وقف لإطلاق النار “مستقر وموثوق”، ويشرف عليه مراقبون “محليون ودوليون”. لكنه نبّه إلى أن ترتيبات عقد هذه المحادثات لا تزال قيد الإنجاز
وقال “من المهم التواصل مع كلا الطرفين، وجعلهما يلتزمان بوقف إطلاق النار حتى يتضح أن القتال والمضي قدما ومحاولة تحقيق انتصارات على الأرض، هي في الواقع انتهاك لوقف إطلاق النار”
وأضاف أن أحد الاحتمالات هو إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تضم مراقبين سودانيين وأجانب، لكن يجب التفاوض على ذلك
وقال إن المحادثات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار يمكن أن تتم في السعودية أو جنوب السودان، مضيفًا أن إجراءها في الرياض قد يكون أسهل من الناحية اللوجيستية؛ لأنها تربطها علاقات وثيقة بالجانبين
ولم يصدر أي تعقيب فوري من الجانب السعودي بشأن احتمال استضافة محادثات بين ممثلين عن البرهان وحميدتي، كما لم يصدر أي إعلان رسمي من جانب الأمم المتحدة
جهود أفريقية
وفي سياق متصل، قال رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس جمهورية جزر القمر غزالي عثماني -خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان- إن الاتحاد سيطلق مبادرة لمعالجة الوضع في السودان، وإنه يأمل أن يقبلها طرفا النزاع
وحسب بيان لمجلس السيادة السوداني، فإن رئيس الاتحاد الأفريقي بحث مع البرهان خلال الاتصال جهود حل الأزمة، ودعا إلى التهدئة ووقف التصعيد
من جهته، قال الرئيس الكيني وليام روتو إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سبل تخفيف الأزمة الإنسانية وإنهاء الصراع في السودان. وأضاف أن الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءا
وأوضح أن كينيا ستعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والإيغاد والاتحاد الأفريقي والوكالات الأممية والدول الصديقة من أجل تنسيق الاستجابة الإنسانية اللازمة
وقال أفورقي -في مقابلة مع التلفزيون الإريتري- إن وأد الخلافات ضروري لحماية سيادة السودان، مشددا على ضرورة إيقاف الاقتتال الدائر في السودان، داعيا في الوقت نفسه أطراف النزاع لحل الخلافات بالتحاور تحت رعاية دول الجوار، وعدم فتح باب التدخلات الأجنبية
الموقف الأميركي
وفي واشنطن، أكد فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميريكية أن واشنطن تواصل مطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الاقتتال في السودان
وكرر باتيل تحذير الخارجية للأميركيين من السفر إلى السودان في ظل الأزمة الحالية
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون-بيير إن واشنطن تواصل إجراء محادثات مع طرفي النزاع في السودان لإنهاء القتال بشكل فوري ومن دون شروط
وأضافت جون-بيير في مؤتمر صحفي أن الوضع في السودان متقلب، وأن الولايات المتحدة تركز على مساعدة الأميركيين الراغبين في المغادرة
عمليات الإجلاء
وعلى مدى الأيام الماضية، أجلى العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيا مع جهود دبلوماسية سعيا للحلّ
ووصلت سفينتان أميركية وسعودية إلى المملكة أمس الاثنين حاملتين نحو 500 مدني من جنسيات عدّة من السودان، وفق ما أفادت به مصادر سعودية
وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس الاثنين إن الولايات المتحدة أجلت أكثر من 700 شخص من القتال العنيف في السودان خلال الأيام الثلاثة الماضية
بدورها، أعلنت بريطانيا انتهاء مهمة الإجلاء الجوي من السودان، حيث من المتوقع أن يصل ركاب آخر رحلات العودة إلى بريطانيا في غضون ساعات
ومن المتوقع أن تهبط في قبرص اليوم الثلاثاء رحلتان نظمهما سلاح الجو الملكي، وعلى متنهما مواطنون بريطانيون وأطباء سودانيون يعملون في هيئة الخدمات الصحية الوطنية
وأوضحت -عبر تطبيق تليغرام- أن 4 طائرات “إي إل-76” تابعة للقوات الجوية الروسية “تنقل أكثر من 200 شخص من جمهورية السودان إلى روسيا الاتحادية”
تدهور سريع
وفي الجناب الإنساني، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين”، مبديا “قلقه الكبير”
وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرّر أن يرسل “فورا إلى المنطقة” رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث، “في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان”
وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة “لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية”، مبينا أن “الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة”، وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها “استنزف أغلبية مخزوننا”
وفي بلد كان ثلث سكانه يعانون من الجوع قبل اندلاع الحرب، قرّر برنامج الأغذية العالمي أن يستأنف “أنشطته فورا”، بعد تعليقها عقب مقتل 3 من موظفيه خلال الأيام الأولى للنزاع
وتابع “هناك فعلا نقص حقيقي في الكادر الطبي، وخصوصا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، وتحديدا في الكادر الطبي المتخصص -على سبيل المثال- في الجراحة والتخدير”. وأشار إلى أن “23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي، في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها”
وأسفرت المعارك عن سقوط ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت الماضي، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى
وأدت المعارك إلى نزوح داخلي ولجوء خارجي. وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فقد انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد و6 آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان
وتطول الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية