شركة “الاتفاق” السعودية للحديد تتجه لإعادة هيكلة ديونها وسط ضغوط مالية متصاعدة

by hayatnews
0 comment

تواجه شركة الاتفاق لمنتجات الحديد، إحدى أبرز الشركات الخاصة لإنتاج الصلب في المملكة العربية السعودية، تحديات مالية متزايدة دفعتها إلى البدء بالتواصل مع مستشارين مختصين بإعادة هيكلة الديون، تمهيدًا لبدء محادثات محتملة مع الدائنين، وعلى رأسهم شركة ديفيدسون كيمبنر كابيتال مانجمنت LP، بحسب ما كشفته مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ.

ووفقًا للمصادر، فإن الشركة طلبت مؤخرًا مقترحات من مستشارين ماليين دوليين من أجل استكشاف الخيارات المتاحة لإعادة هيكلة التزاماتها المالية. ويأتي هذا التحرك في ظل الضغوط المتصاعدة التي تواجهها الشركة نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع هوامش الربح في قطاع الصلب.

شركة صلبة.. لكنها مثقلة بالديون
تُعد شركة الاتفاق، التي تتخذ من المنطقة الشرقية مقرًا لها، من أكبر شركات القطاع الصناعي الخاصة في المملكة، وتلعب دورًا محوريًا في تزويد مشاريع البنية التحتية الكبرى في السعودية بمنتجات الحديد والصلب.

ورغم موقعها البارز، تعاني الشركة منذ سنوات من تراكم الديون، ما اضطرها أكثر من مرة إلى الدخول في عمليات إعادة هيكلة مع البنوك والدائنين. وكان أبرزها في عام 2016، حين دخلت في مفاوضات لإعادة هيكلة ديون بقيمة ملياري دولار. وفي عام 2011، توصلت الشركة إلى اتفاق إعادة هيكلة خارج أروقة المحاكم، بينما واجهت أزمة سيولة مشابهة في 2009 حين تفاوضت لإعادة جدولة قروض تجاوزت مليار دولار.

ورغم أن هذه الاتفاقات ساعدت في تأجيل الضغوط، إلا أن عبء الديون لم يتراجع بشكل جوهري، بل ظل يثقل كاهل الشركة، خاصة مع تقلبات أسعار المواد الخام وتزايد المنافسة في السوق الإقليمي.

لا رد رسمي حتى الآن
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم ترد شركة الاتفاق على طلبات التعليق التي وجهتها بلومبيرغ عبر الهاتف والبريد الإلكتروني. كما امتنع المتحدث باسم شركة ديفيدسون كيمبنر، أحد أبرز الدائنين، عن الإدلاء بأي تصريحات.

ورغم أن الشركة لم تمنح بعد أي تفويض رسمي لأي من المستشارين الماليين، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الاتصالات الأولية مع شركات الاستشارات بدأت بالفعل، في خطوة تشير إلى نية الشركة الانخراط قريبًا في مفاوضات جدية مع الدائنين.

ديفيدسون كيمبنر.. لاعب مخضرم في الشرق الأوسط
تُعد شركة ديفيدسون كيمبنر الأمريكية واحدة من أبرز المؤسسات الاستثمارية العالمية المتخصصة في الديون المتعثرة، ولديها سجل طويل في التعامل مع ملفات إعادة الهيكلة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي العام الماضي، شاركت الشركة في عملية إعادة هيكلة ديون بقيمة تجاوزت مليار دولار لشركة JBP Group الإماراتية لصناعة البلاستيك، والتي انتهت بتحويل ديونها إلى حصص ملكية. كما اشترت في عام 2023 قروضًا متعثرة بقيمة 1.1 مليار دولار من بنك أبوظبي التجاري، ما عزز وجودها في سوق الديون الثانوية في الخليج.

ويشير مراقبون إلى أن ديفيدسون كيمبنر قد تلعب دورًا مشابهًا في ملف “الاتفاق”، عبر التفاوض على آلية لتحويل جزء من الديون إلى ملكية أو تقليص الفوائد وتعديل آجال السداد بما يخفف العبء عن الشركة.

السياق الاقتصادي الأوسع
يأتي تحرك شركة الاتفاق في وقت يواجه فيه قطاع الصلب في الشرق الأوسط ضغوطًا متصاعدة نتيجة تباطؤ الطلب على بعض المشاريع الإنشائية الكبرى، وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، فضلًا عن التنافس الشديد من الشركات الإقليمية والآسيوية.

وفي السعودية تحديدًا، ورغم الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية ضمن “رؤية 2030″، إلا أن العديد من الشركات الصناعية تكافح لتحقيق توازن بين النمو والمخاطر المالية، في ظل بيئة تشغيلية معقدة وتكاليف رأسمالية مرتفعة.

مستقبل غير واضح
في حال لم تُكلل جهود إعادة الهيكلة بالنجاح، قد تضطر شركة الاتفاق إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل بيع أصول أو اللجوء إلى خيارات تمويلية بديلة، أو حتى البحث عن شراكات استراتيجية لتأمين السيولة.

لكن في الوقت ذاته، يرى محللون أن الدخول المبكر في مسار إعادة الهيكلة بالتعاون مع مستشارين متخصصين قد يساعد في تجنب السيناريوهات الأسوأ، ويمنح الشركة فرصة لإعادة تنظيم وضعها المالي بما يتناسب مع المرحلة المقبلة.

وتكشف الخطوة التي اتخذتها شركة الاتفاق عن الضغوط المستمرة التي تعاني منها الشركات الصناعية الكبرى في السعودية، حتى في ظل النمو الاقتصادي الظاهري. وفي حال نجحت المفاوضات مع الدائنين، فإن ذلك قد يُعد نموذجًا جديدًا لإدارة الديون في قطاع الصلب، في وقت يحتاج فيه السوق الإقليمي إلى حلول مالية أكثر مرونة واستدامة.

You may also like

Leave a Comment