دمشق ترفض الممر الإسرائيلي إلى السويداء: المساعدات عبر مؤسسات الدولة فقط

by hayatnews
0 comment

رفضت الحكومة السورية، مقترحًا إسرائيليًا بإنشاء ممر إنساني خارجي إلى مدينة السويداء لإيصال المساعدات بشكل مباشر إلى السكان، مؤكدة أن أي دعم إنساني سيُقدَّم فقط عبر مؤسسات الدولة السورية وبالتنسيق مع المنظمات الأممية المعنية.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر حكومي قوله:
“لن يتم إنشاء ممرات إنسانية من خارج البلاد إلى السويداء، وسيتم تقديم المساعدات بالتنسيق مع مؤسسات الدولة، التي تواصل بالفعل إرسال القوافل بالتعاون مع المنظمات الوطنية والدولية.”

السويداء: مدينة محاصرة وصراع داخلي

تعيش السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، وضعًا إنسانيًا صعبًا منذ اندلاع اشتباكات الشهر الماضي بين عشائر محلية ومقاتلين دروز من جهة، وقوات الأمن السورية من جهة أخرى. وقد أدى ذلك إلى حصار فعلي للمدينة، ما جعل إدخال المساعدات محدودًا ومشروطًا.

وتقول منظمات محلية إن الأوضاع الإنسانية في المدينة تدهورت بسرعة، إذ يواجه السكان نقصًا في المواد الغذائية والوقود، إلى جانب انقطاع الأدوية عن المستشفيات والمراكز الصحية.

إسرائيل تدخل على خط الأزمة

في تطور لافت، كانت إسرائيل قد دعت مؤخرًا إلى فتح ممر مساعدات مباشر إلى السويداء، بدعوى حماية السكان الدروز هناك.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر طرح خلال اجتماع مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في باريس إمكانية إنشاء الممر الإنساني. وبحسب المصادر، فإن الجانب الإسرائيلي حاول استغلال البعد الطائفي للأزمة عبر التلويح بمصالح الدروز، الذين يشكلون أقلية في سوريا ويعيشون أيضًا في إسرائيل ولبنان والأردن.

ورغم أن دمشق لم تشر بالاسم إلى ديرمر، فإنها أقرت بوجود لقاء بين الشيباني ووفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية لبحث “الأمن في المنطقة”، مؤكدة أن المحادثات شملت أيضًا ملف إعادة تفعيل اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، الموقعة بين الطرفين عقب حرب أكتوبر.

حسابات إقليمية ودوافع سياسية

يرى مراقبون أن التحرك الإسرائيلي الأخير نحو السويداء لا ينفصل عن محاولات تل أبيب تعزيز نفوذها في جنوب سوريا، مستفيدة من الأوضاع الميدانية الهشة، ومن الانقسام الداخلي بين العشائر والمقاتلين المحليين من جهة والحكومة السورية من جهة أخرى.

كما يُقرأ الموقف السوري الرافض ضمن سياق رفض أي تدخل خارجي، خصوصًا من إسرائيل التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع دمشق. فبالنسبة للحكومة السورية، فإن القبول بممر خارجي يعني عمليًا التنازل عن سيادة الدولة وفتح الباب أمام دور إسرائيلي مباشر في الداخل السوري.

موقف الحكومة السورية

الحكومة أكدت أن المنظمات الأممية حصلت على موافقات رسمية للقيام بمهامها في إيصال المساعدات، مشددة على أن المؤسسات الوطنية “تواصل عملها في إرسال القوافل” رغم الصعوبات الأمنية.

ويؤكد الموقف الرسمي السوري أن المساعدات يجب أن تمر عبر قنوات الدولة وليس عبر مبادرات منفردة أو مفروضة من الخارج، وهو ما يتوافق مع سياستها الثابتة منذ اندلاع الحرب عام 2011، برفض “الممرات الإنسانية المستقلة” التي تعتبرها مساسًا بسيادة البلاد.

يذكر أنه لم تُقم سوريا وإسرائيل أي علاقات دبلوماسية منذ تأسيس دولة الاحتلال عام 1948، ورغم توقيعهما اتفاقية فك الاشتباك عام 1974، والتي نصت على إنشاء منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة في الجولان، فإن التوتر ظل قائمًا على طول الحدود.

اللقاء في باريس، وإن لم يُعلن رسميًا من قبل الطرفين سوى في خطوط عامة، يعكس محاولات غير مباشرة لإعادة ترتيب بعض الملفات الأمنية، لكنه في الوقت نفسه يكشف حجم الهوة السياسية والدبلوماسية بين الجانبين.

You may also like

Leave a Comment