حلم النظام الموحد للشركات الناشئة في الاتحاد الأوروبي يواجه خطر الانقسام إلى 27 نظامًا

by hayatnews
0 comment

يواجه مشروع المفوضية الأوروبية الطموح لإنشاء نظام قانوني موحد يدعم نمو الشركات الناشئة في الاتحاد الأوروبي خطر الانهيار إلى 27 نظامًا وطنيًا منفصلًا، وسط انتقادات شديدة من قطاع الشركات الناشئة والبرلمان الأوروبي، في ظل خلافات حول الشكل القانوني المقترح.

المبادرة، المعروفة باسم “النظام الثامن والعشرون”، كانت تهدف إلى إزالة الحواجز التنظيمية التي تواجهها الشركات الناشئة عند التوسع عبر حدود الدول الأعضاء. ومنذ إعلان رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين عن الخطة العام الماضي، رحّب بها كثيرون باعتبارها خطوة حاسمة لتقوية القدرة التنافسية الأوروبية في مواجهة الولايات المتحدة والصين.

لكن المقترح، الذي يهدف إلى إنشاء “إطار قانوني رقمي افتراضي”، يواجه انتقادات واسعة بعد أن كشفت المفوضية في استشارة عامة أنها تميل إلى إصدار توجيه (Directive) بدلاً من لائحة (Regulation).

توجيه أم لائحة؟

الفارق القانوني بين الشكلين مهم للغاية. فاللوائح تُطبق مباشرة في جميع دول الاتحاد الأوروبي دون الحاجة إلى اعتماد محلي، مما يوفر اتساقًا قانونيًا كاملاً. أما التوجيهات فتُترك للدول لتنفيذها بطريقتها، مما يفتح المجال لاختلافات وطنية قد تُفرغ المشروع من مضمونه.

قال سيمون شايفر، مؤسس مبادرة EU Startups، إن “اختيار التوجيه سيؤدي إلى 27 خيارًا مختلفًا للتنفيذ، وهذا أمرٌ مجنون. بل سيزيد من التعقيد بدلًا من إزالته”.

وأصدرت ثلاث من أبرز جماعات الضغط الناشطة في مجال الشركات الناشئة — Allied for Startups، والاتحاد الأوروبي، وشبكة الشركات الناشئة الأوروبية — بيانًا مشتركًا وصفت فيه اعتماد التوجيه بأنه “معيب بشكل أساسي”، معتبرة أنه يتعارض مع جوهر المشروع.

صراع داخلي في المفوضية

مصادر من داخل المفوضية أكدت لصحيفة بوليتيكو أن المفوضة المسؤولة عن الملف، إيكاترينا زاهارييفا، لا تفضل التوجيه شخصيًا، وأن القرار اتخذ نتيجة توازنات داخلية أوسع. وقال مسؤول آخر في المفوضية إن التوجيه “سيؤدي إلى 27 نظامًا مختلفًا مرة أخرى”، محذرًا من تكرار أخطاء سابقة.

من جهته، عبّر أحد ممثلي الشركات الناشئة، بعد لقاء غير رسمي مع مسؤولين في المفوضية، عن خيبة أمله من ضعف الطموح في النسخة الحالية للمقترح، قائلًا: “كان يُفترض أن يكون هذا هو الحل التاريخي لتجاوز التجزئة، لكننا الآن في طريقنا إلى مضاعفتها”.

خلافات في البرلمان الأوروبي

أزمة المشروع لا تتوقف عند المفوضية. فقد ناقش نواب لجنة الشؤون القانونية في البرلمان الأوروبي مسودة تقرير غير ملزم أعده النائب الألماني رينيه ريباسي، دعا فيه أيضًا إلى اعتماد توجيه بدلًا من لائحة. ما أثار استياء جماعات الضغط، التي رأت في التقرير تراجعًا عن الطموحات المعلنة.

مستقبل غير مؤكد

المقترح لا يزال في مراحله الأولى، ومن المتوقع تقديمه رسميًا مطلع العام المقبل. لكن الجدل الحاد حول الشكل القانوني يهدد بعرقلة تنفيذه أو تفريغه من مضمونه، لا سيما مع قرب دخول البرلمان الأوروبي مرحلة انتخابية جديدة قد تعطل الاتفاق على ملفات استراتيجية.

تخشى الشركات الناشئة أن يؤدي غياب الإرادة السياسية إلى تفويت فرصة ذهبية لبناء بيئة أعمال أوروبية قادرة على منافسة وادي السيليكون أو النظام الصيني المركزي. وإذا لم يتم تجاوز الخلافات الحالية، فقد يبقى “النظام الثامن والعشرون” مجرد حلم مكرر… منقسم إلى 27 حقيقة مرهقة.

You may also like

Leave a Comment