دعا السودان الاتحاد الأوروبي إلى وقف صادرات الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة، وسط اتهامات متزايدة بدعم أبوظبي جماعة شبه عسكرية متورطة في فظائع داخل السودان.
وأكد السفير السوداني لدى الاتحاد الأوروبي، عبد الباقي كبير، في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو، أن أسلحة أوروبية وصلت إلى ساحات القتال وأُعيد توجيهها إلى ميليشيات داخل البلاد، ما ساهم في تأجيج الصراع المستمر منذ عامين بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
ويأتي التحذير السوداني في وقت تواجه فيه البلاد أزمة إنسانية وصفها خبراء الأمم المتحدة بأنها من بين الأكبر في العالم، مع مقتل عشرات الآلاف منذ عام 2023 وتهديد نحو 25 مليون شخص بالمجاعة الشديدة.
وقد اتهمت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر عرقية، وتهجير جماعي، وعنف جنسي ممنهج، فيما أُلقي باللوم على القوات المسلحة الحكومية في سقوط ضحايا مدنيين نتيجة غارات جوية على مناطق مأهولة بالسكان.
وأوضح كبير أن “الاتحاد الأوروبي يجب أن يوازن بين المبادئ الأخلاقية والمصالح التجارية”، محذرًا من أن استمرار صادرات الأسلحة قد يضع الكتلة الأوروبية في موقف أخلاقي صعب، خصوصًا أن الأسلحة الموردة لم تكن مخصصة لأي طرف ثالث.
وأضاف أن الإمارات، وفق تحقيقات الأمم المتحدة، ربما قامت بإعادة تصدير ذخائر من بلغاريا إلى قوات الدعم السريع، رغم حظر الاتحاد الأوروبي على السودان منذ أكثر من 30 عامًا.
وأشارت تقارير إعلامية إلى وصول معدات عسكرية مصنوعة في فرنسا والمملكة المتحدة والإمارات إلى أيدي مقاتلي الدعم السريع، رغم الالتزامات القانونية للجهات المنتجة بعدم إعادة التصدير.
فقد زوّدت شركات مثل Lacroix الفرنسية القوات المسلحة الإماراتية بأنظمة حماية ذاتية من طراز GALIX، في حين وُجدت مركبات مدرعة مصنوعة في الإمارات مزودة بأنظمة فرنسية في مناطق النزاع.
وفي المقابل، نفت الإمارات أي تورط في دعم أي من الطرفين المتحاربين، مؤكدة أن أسلحتها تخضع لنظام صارم للرقابة وتلتزم بتراخيص التصدير الدولية.
وقال مسؤول إماراتي إن أبوظبي “تدين الفظائع التي ارتكبها الطرفان”، مؤكدة عدم وجود دليل على دعم قوات الدعم السريع أو أي طرف آخر في النزاع.
ومع ذلك، يشير السفير السوداني إلى أن الدعم الإماراتي لقوات شبه عسكرية يعمّق الأزمة ويُسهم في تفكيك الدولة، معتبرًا أن “ما يحدث في السودان له انعكاسات على استقرار المنطقة بأكملها، بما في ذلك تدفقات الهجرة نحو البحر المتوسط”.
ويحذر كبير من أن استمرار الصراع دون ضغوط أوروبية حقيقية قد يؤدي إلى مزيد من الانتهاكات، مشددًا على ضرورة استخدام الاتحاد الأوروبي وزيارات مسؤوليه الدبلوماسيين المقبلة للضغط على أبوظبي لوقف تسليم الأسلحة.
وقد فرض الاتحاد الأوروبي سابقًا عقوبات على شخصيات وشركات مرتبطة بقوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، كما جمد الأصول المرتبطة بهم وأكد استمرار حظر الأسلحة على السودان.
ويرى السفير السوداني أن العقوبات على القوات الحكومية “تشل الاقتصاد وتعيق التعاون البنّاء”، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى رفع القيود على الجيش الرسمي لتعزيز المشاركة الإيجابية مع بروكسل.
وأشار أيضًا إلى أن المساعدات الإنسانية الأوروبية لم تصل إلى مستوى التعهدات، مشيرًا إلى تخصيص نحو 273 مليون يورو للعام 2025، وهو مبلغ لا يوازي حجم الأزمة.
ويُظهر التقرير أن الأزمة في السودان تُعد تحذيرًا واضحًا حول تأثير الصراعات المحلية على الأمن الإقليمي، حيث يُخشى من امتداد العنف إلى دول الجوار وتحفيز موجات الهجرة غير النظامية.
ويأتي هذا في ظل استمرار شكاوى السكان من انتهاكات قوات الدعم السريع والجيش السوداني، التي تشمل عمليات قتل جماعي، تعذيب، وعنف جنسي، إضافة إلى تدمير ممتلكات المدنيين وتشريدهم.
ويشدد السفير السوداني على أن استمرار إرسال الأسلحة إلى أطراف النزاع يكرّس الفوضى ويُعقد أي جهود لتحقيق السلام، داعيًا الاتحاد الأوروبي والدول المصنعة للأسلحة إلى الالتزام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والعمل على وقف التصعيد قبل أن تتحول الفظائع إلى كارثة إنسانية أوسع نطاقًا.
ويعتبر كبير أن اتخاذ خطوات حقيقية على صعيد المراقبة والتقييد سيكون بمثابة اختبار حقيقي لمصداقية الاتحاد الأوروبي في حماية حقوق الإنسان واستقرار المنطقة.