تسعى السعودية إلى تعزيز مكانتها في عالم رياضة الغولف عبر شراكة جديدة مع جيم بالسلي، المؤسس المشارك لشركة بلاكبيري ورجل الأعمال الكندي المعروف، في إطار خطة طموحة لتطوير هذا القطاع ضمن أهداف “رؤية 2030” التي تهدف لتنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط.
يستثمر بالسلي 100 مليون دولار على مدى خمس سنوات لتأسيس منتجعات غولف فاخرة في المملكة، التي تملك حاليًا عددًا محدودًا من ملاعب الغولف مقارنة بدولة الإمارات المجاورة. ويهدف المشروع إلى استقطاب شريحة جديدة من السياح، خاصة ملايين المسلمين الذين يزورون السعودية لأداء فريضي الحج والعمرة، حيث يعوّل بالسلي على جذبهم لتجربة الغولف كجزء من نمط حياة عصري يدمج بين التاريخ والضيافة والجمال الطبيعي.
يُعتبر بالسلي أحد أبرز مشغلي ملاعب الغولف في كندا، حيث يملك شبكة GolfNorth، ويعتقد أن السعودية تمتلك إمكانية كبيرة لتوسيع عدد ملاعب الغولف من 12 ملعبًا حاليًا إلى نحو 100 ملعب مستقبليًا. في المرحلة الأولى، يخطط لإنشاء ما بين 7 إلى 10 ملاعب جديدة، مع إمكانية بدء أعمال البناء خلال هذا العام، بالتعاون مع صندوق الاستثمار العقاري “صمو العالمية”، والذي سيرتبط ببناء فنادق ومجمعات سكنية حول الملاعب.
تأتي هذه المبادرة في وقت بدأ فيه قطاع الغولف السعودي يكتسب زخمًا أكبر، خصوصًا منذ 2017 عندما تولى ياسر الرميان، رئيس صندوق الاستثمارات العامة السعودي، رئاسة الاتحاد السعودي للغولف، مما أسهم في فتح أبواب التدريب المجاني وجذب لاعبين جدد من كافة الفئات، بما في ذلك النساء والأطفال، عبر استقدام مدربين أجانب.
بالرغم من المناخ الصحراوي والتحديات البيئية كالغبار، شهدت الرياضة نموًا ملحوظًا في الخليج، حيث استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو 3.9 مليار دولار في بطولة LIV الغولفية التي استقطبت كبار اللاعبين العالميين. كما يشمل المشروع بناء ملاعب عالمية المستوى، منها ملعب غولف غرب الرياض صممه الأسطورة جاك نيكلاوس.
وفي السياق ذاته، تستثمر مؤسسة ترامب في مجال الغولف عبر اتفاقية ترخيص في قطر ومشروع فاخر بقيمة 500 مليون دولار في عمان، ما يعكس منافسة إقليمية متنامية لتطوير هذا القطاع الفاخر.
يؤكد بالسلي على تساؤله حول تأخر السعودية في الدخول بقوة إلى مجال تطوير الغولف مقارنة بدول الخليج الأخرى التي سبقت في هذا المجال قبل عقود.
ويتم تمويل المشروع حاليًا من قبل “صمو” وبالسلي، مع آمال في جذب مستثمرين إضافيين، رغم عدم تلقي المشروع أي دعم حكومي أو حوافز ضريبية في الوقت الراهن، وهو أمر قد يتغير في المستقبل.
وبينما تواجه الغولف انتقادات عالمية بسبب استهلاكها المرتفع للمياه والطاقة، يؤكد المطورون في الخليج التزامهم بتطبيق ممارسات استدامة متقدمة، مثل إعادة تدوير المياه واستخدام الطاقة المتجددة وزراعة الأشجار. وتعتمد دول الخليج، بما فيها السعودية، بشكل كبير على تحلية مياه البحر، ما يستلزم استخدامًا مكثفًا للطاقة.
المشروع الأول سيقام في “وادي عسلى”، ضاحية ساحلية جنوب شرقي جدة على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع كان سابقًا مخصصًا لتصريف مياه الصرف الصحي، مما يعكس جهودًا لتطوير المناطق وتحويلها إلى وجهات سياحية وسكنية راقية.
يأتي المشروع أيضًا ضمن خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لرفع نسبة تملك المساكن في السعودية إلى 70% بحلول 2030، حيث تستهدف هذه المشاريع السكنية الفاخرة الطبقة المتوسطة العليا والسياح الباحثين عن تجربة حياة مترفة مرتبطة بالغولف.
يختتم بالسلي قائلاً: “مشاريعنا تتماشى مع توجه المملكة لزيادة السياحة وتوفير مساكن جديدة… والغولف هو العنصر الذي يربط بين كل هذه الأهداف.”