ستواجه رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تصويتاً على حجب الثقة في البرلمان الأوروبي يوم الخميس المقبل، في خطوة نادرة منذ أكثر من عقد من الزمن، بحسب تصريحات ستة مسؤولين لصحيفة بوليتيكو.
هذه الخطوة تأتي في وقت تعيش فيه فون دير لاين عامها الأول الصعب في ولايتها الثانية، إذ ستظهر أمام المشرعين في جلسة نقاش مقررة يوم الاثنين في ستراسبورغ، تليها عملية التصويت بعد ثلاثة أيام. يُذكر أن آخر مرة شهد فيها البرلمان الأوروبي محاولة مماثلة كانت في عام 2014.
خلفية التصويت ودلالاته
على الرغم من أن التصويت يعتبر رمزيًا إلى حد كبير في هذه المرحلة، حيث أظهرت غالبية الكتل السياسية موقفًا رافضًا لاقتراح سحب الثقة، إلا أن هذه الخطوة تعكس الغضب المتزايد تجاه قيادتها في بروكسل، خاصة بعد سلسلة من الفضائح والمواقف المثيرة للجدل التي صاحبت فترة ولايتها.
في حال إقرار سحب الثقة، سيكون لذلك أثرٌ دراماتيكي يتمثل في استقالة المفوضية الأوروبية بأكملها، وفتح الباب أمام عملية معقدة لتعيين 27 مفوضًا جديدًا من دول الاتحاد الأعضاء.
أسباب التصويت وحركة المعارضة
يأتي اقتراح حجب الثقة بناءً على مبادرة النائب الروماني اليميني، جورجي بيبيريا، الذي جمع الأسبوع الماضي عدد التوقيعات المطلوبة (72 توقيعًا) لتقديم الاقتراح رسميًا، احتجاجًا على رسائل نصية سرية تعود لعام 2021 بين فون دير لاين والرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، تتعلق بمفاوضات إيصال لقاحات كورونا إلى أوروبا في ذروة الجائحة.
ورغم أن بعض أعضاء حزب الشعب الأوروبي، الذي تنتمي إليه فون دير لاين، والحزب المحافظ الأوروبي اليميني، سحبوا دعمهم للقرار تحت ضغوط داخلية، إلا أن الاقتراح لا يزال يحظى بالدعم الكافي لمواصلة الإجراءات.
الاضطرابات السياسية وتوازن القوى
تأتي هذه المحاولة في ظل أجواء سياسية مشحونة، إذ يتهم الاشتراكيون والليبراليون فون دير لاين بتحالفات غير واضحة مع اليمين المتطرف، تهدف إلى إضعاف الإصلاحات البيئية والخضراء في الاتحاد الأوروبي. لكن رغم ذلك، تحافظ الأغلبية الوسطية التي دعمت رئاستها على موقف متماسك لا يميل إلى تأييد خطوة حجب الثقة.
رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، أعلنت عن جدول أعمال قادة المجموعات السياسية، حيث سيجري النقاش يوم الاثنين قبل التصويت المرتقب يوم الخميس.
أهمية التصويت في المشهد الأوروبي
يمثل هذا التصويت اختبارًا حقيقيًا لقيادة فون دير لاين وسط تحديات عدة، بينها الضغوط السياسية المتزايدة والانتقادات الحادة لسياساتها، بالإضافة إلى التداعيات التي تركتها جائحة كورونا على صورة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته.
كما أنه يعكس التوترات المتزايدة داخل البرلمان الأوروبي بين مختلف التيارات السياسية، ويضع أمام الأعضاء خيارًا قد يؤدي إلى أزمة مؤسسية في حالة إقرار سحب الثقة، خصوصًا مع تعقيدات تعيين مفوضية جديدة بالكامل.
وبينما يبدو أن التصويت على حجب الثقة سيمر دون تغيير حقيقي في قيادة المفوضية، إلا أنه مؤشر على وجود شرخ متزايد في الرأي تجاه فون دير لاين وسط متغيرات سياسية داخل الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي قد يؤثر على مسار العمل الأوروبي في الفترة المقبلة.