أثار إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان قلقا دوليا في ظل توتر متصاعد تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من عام.
فقد دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل إلى وقف إطلاق النار على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، في حين أصدر ثلاثة زعماء أوروبيين بيانا مشتركا أدانوا فيه الهجمات الإسرائيلية.
وأصابت القوات الإسرائيلية أربعة من أفراد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) في حادثين منفصلين يومي الخميس والجمعة، مما أثار ردود فعل دولية قوية وأدى إلى مزيد من التدقيق في عمليتها البرية في المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وزير الدفاع لويد أوستن حث نظيره الإسرائيلي على اتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الحوادث.
وعندما سئل عما إذا كان يدعو إسرائيل إلى التوقف عن ضرب قوات حفظ السلام، قال بايدن: “بالتأكيد، بشكل إيجابي”.
وكان أصيب اثنان من قوات حفظ السلام اليوم الخميس عندما أطلقت دبابة إسرائيلية النار على موقعهم، بينما أصيب اثنان آخران الجمعة في انفجارات بالقرب من برج مراقبة، بحسب ما أعلنت اليونيفيل.
في هذه الأثناء، تعرض مقر اليونيفيل لأضرار جراء الانفجارات، كما تعرض موقع آخر لليونيفيل بالقرب من الحدود لأضرار بواسطة مركبة بناء عسكرية إسرائيلية.
ووقعت هذه الحوادث بعد أن طلبت إسرائيل من قوات اليونيفيل – التي تأسست في عام 1978 والمكلفة بالمساعدة في الحفاظ على الأمن بالقرب من حدود لبنان مع إسرائيل – سحب قواتها إلى مسافة 5 كيلومترات على الأقل من الحدود.
وقال مسؤول إسرائيلي إن “اليونيفيل رفضت الطلب”. في المقابل قال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي إن قرار البقاء تم اتخاذه بالتشاور مع الدول المساهمة بقوات.
وقال تيننتي “إن قوات حفظ السلام لا تزال في جميع مواقعها في جنوب لبنان، ولا تزال أعلام الأمم المتحدة ترفرف في السماء. وعلى الرغم من التحديات فإننا نواصل مراقبة الوضع بأفضل ما نستطيع”.
وأكدت قوات اليونيفيل في بيان لها أن مهاجمة قوات حفظ السلام تعد “انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي”.
أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بيانا مشتركا يوم الجمعة أعربوا فيه عن “الغضب” إزاء الهجمات الإسرائيلية “غير المبررة” ووصفوها بأنها “انتهاك خطير” للقانون الدولي.
وزعمت وزارة الخارجية الفرنسية أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان يستهدف قوات حفظ السلام عمداً، واستدعت السفير الإسرائيلي لديها لطلب توضيح. كما استدعت إيطاليا السفير الإسرائيلي لديها.
ووصف وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن الهجمات الإسرائيلية بأنها “غير مقبولة على الإطلاق” و”متهورة ومرعبة”.
وتعد فرنسا وإيطاليا وأيرلندا وإسبانيا من بين الدول الخمسين التي تساهم في قوة اليونيفيل التي يبلغ قوامها 10 آلاف جندي.
كما أعرب البنتاغون عن قلقه، دون أن يتهم إسرائيل باستهداف قوات حفظ السلام عمداً. وذكر البيان أن أوستن “أكد على أهمية ضمان سلامة قوات اليونيفيل” وحث إسرائيل على السعي إلى “مسار دبلوماسي” في لبنان “في أقرب وقت ممكن”.
من ناحية أخرى، زعم المتحدث الدولي باسم جيش الدفاع الإسرائيلي المقدم ناداف شوشاني أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة “أصيبت عن غير قصد خلال القتال الذي شنته قوات الدفاع الإسرائيلي ضد حزب الله”.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي “يعرب عن قلقه العميق” إزاء هذه الحوادث، ويجري “مراجعة شاملة على أعلى مستويات القيادة لتحديد التفاصيل”.
وأضاف أن “جيش الدفاع الإسرائيلي يتخذ كل الاحتياطات اللازمة لتقليل الأذى الذي قد يلحق بالمدنيين وقوات حفظ السلام على حد سواء. ونحن ملتزمون بإجراء فحص دقيق لهذه الحوادث والانخراط في حوار مستمر مع اليونيفيل والدول المشاركة في مهمة حفظ السلام”.
وتقول إسرائيل إن عمليتها البرية تهدف إلى اقتلاع حزب الله والسماح للمواطنين الإسرائيليين بالعودة بأمان إلى منازلهم بالقرب من الحدود.
قالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من 2000 شخص قتلوا في لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية خلال الأسبوعين الماضيين.