قالت صحيفة واشنطن بوست إن تخفيض إدارة ترامب التمويل للمجموعات الإيرانية، والتي تتخذ معظمها من خارج إيران مقرًا لها، يؤثر على عمل مراقبي حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والناشطين المدنيين.
وأكدت الصحيفة أن التخفيضات الشاملة التي أجرتها إدارة ترامب في المساعدات الخارجية تهدد بقطع تدفق المعلومات من داخل إيران في ظل حملة قمع حكومية متصاعدة تستهدف الصحفيين والناشطين، وفقًا لما ذكره محللون وناشطون إيرانيون.
وكشفت الصحيفة عن قيام المنظمات الإيرانية التي تراقب حقوق الإنسان بتسريح موظفين، وأوقفت مجموعات المجتمع المدني برامجها، كما قلّصت وسائل الإعلام عملياتها. ويقدّر محللون وناشطون إيرانيون أن هذه التخفيضات أثرت على عشرات المجموعات التي توظف مئات الأشخاص.
يأتي ذلك في وقت حرج بالنسبة لإيران، حيث تعرضت لإضعاف إقليمي بسبب النزاعات الأخيرة، وتعاني من أزمة اقتصادية خانقة. وقد نفذت السلطات الإيرانية موجات من الاعتقالات، ويخشى الناشطون من أن تتصاعد هذه الحملات مع ازدياد الضغوط على البلاد.
وقال علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: “منتهكو حقوق الإنسان مثل الفطر، ينمون في الظلام. لذا، إذا لم يتم تسليط الضوء على ما يفعلونه، فإنهم يشعرون بأن لديهم حرية أكبر في التصرف”.
والمنظمات التي تدعمها الولايات المتحدة تتركز بشكل رئيسي خارج إيران، وتندرج تحت ما يسمى بـ “تعزيز الديمقراطية”، وتشمل وسائل إعلامية وبرامج تدعم المجتمع المدني، بالإضافة إلى مجموعات ترصد انتهاكات حقوق الإنسان.
ويأتي معظم الدعم الأمريكي لهذه المجموعات من صندوق الديمقراطية الإقليمي للشرق الأدنى، المعروف اختصارًا بـ NERD، والذي أُنشئ في أعقاب احتجاجات 2009 ضد الحكومة الإيرانية. في عام 2024، طلبت إدارة بايدن تخصيص 65 مليون دولار لصندوق NERD، بما في ذلك 16.75 مليون دولار على الأقل لدعم حرية الإنترنت، وفقًا لخدمة أبحاث الكونغرس.
وإحدى النساء الإيرانيات، التي كانت تعمل في مجموعة توثق انتهاكات حقوق الإنسان في السجون الإيرانية، قالت إنها علمت بتخفيضات التمويل عندما تم استدعاؤها وزملاؤها لاجتماع عبر الفيديو، حيث أبلغهم مديرهم بتعليق وظائفهم إلى أجل غير مسمى.
وسرعان ما اكتشفت أن معظم أصدقائها الذين كانوا يعملون في مجموعات حقوق الإنسان الإيرانية تم تسريحهم أيضًا.
وقالت الموظفة مشترطة عدم الكشف عن هويتها خوفًا من الانتقام: “لطالما قالت الولايات المتحدة إنها تدافع عن حقوق الإنسان. بدأنا جميعًا نشعر بالقلق، وربما كل عملنا لا يعني شيئًا… كان الأمر وكأننا وثقنا بشيء لفترة ثم اختفى”.
وقد رفضت عدة مجموعات إيرانية التعليق على تخفيضات التمويل، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى انتقام من إدارة ترامب، مما قد يقلل فرصهم في استعادة الدعم.
وقال أرسلان ياراحمادي، مؤسس منظمة هنغاو لحقوق الإنسان، وهي واحدة من أبرز منظمات حقوق الإنسان الإيرانية التي تعمل من خلال شبكة مصادر داخل البلاد، إن العديد من هذه المجموعات تعتمد فقط على جمع البيانات والإحصائيات من جهات أخرى، وليس لديها مصادر مستقلة داخل إيران. وأكد أن منظمته لا تتلقى تمويلاً أمريكيًا.
وأضاف ياراحمادي أن بعض هذه المجموعات تقوم بعمل مهم، لكن البعض الآخر لا يقدم سوى القليل.
ولا تزال خطط إدارة ترامب لبرامج إيران غير واضحة. ويتوقع بعض المحللين أن التغييرات في التمويل قد تعيد تشكيل التوازن داخل المعارضة الإيرانية المتنوعة والمقسمة.
على مدى السنوات الأخيرة، لعب ناشطو الديمقراطية أدوارًا بارزة في المعارضة، لكن بعض المحللين يتوقعون أن الملكيين الإيرانيين، الذين يسعون إلى إعادة الحكم الملكي في إيران، قد يوسعون نفوذهم.
وقد استغلت الحكومة الإيرانية تقارير تجميد التمويل الأمريكي لصالحها. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذه الأموال كانت “دليلًا على السياسة التدخلية الأمريكية، لا سيما خلال إدارة بايدن”، التي “حاولت الضغط على إيران والتدخل في شؤونها الداخلية عبر المساعدات المالية”.
من جهتها، قالت صنم وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، إن بعض التمويل الأمريكي ربما “زاد من جنون الارتياب لدى السلطات الإيرانية”.
وأضافت “المشكلة مع هذا النوع من التمويل في دول مثل إيران، أنه يُنظر إليه على أعلى المستويات على أنه قضية أمن قومي، لأن الولايات المتحدة تحاول فعليًا تغيير الجمهورية الإسلامية”.