شهدت أسعار النفط تراجعًا حادًا يوم الجمعة، حيث انخفضت بنسبة 5% على خلفية الرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة والمفاوضات المتوقعة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن وقف إطلاق النار في الحرب الأوكرانية.
تراجع حاد في أسعار النفط
سجل خام برنت، المرجع القياسي لثلثي النفط العالمي، ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.24% ليصل إلى 66.59 دولارًا للبرميل. أما خام غرب تكساس الوسيط، الذي يقيس أداء النفط الأمريكي، فقد استقر عند 63.88 دولارًا للبرميل. ومع ذلك، شهدت العقود الأسبوعية تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفض خام برنت بنسبة 4.4%، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 5%. ومنذ بداية عام 2025، انخفض كلا الخامين بنحو 11%، ما يعكس تراجعًا كبيرًا في أسعار النفط.
الرسوم الجمركية: العامل المحوري في تذبذب الأسعار
قال جيوفاني ستونوفو، الخبير الاستراتيجي في بنك يو بي إس السويسري، إن تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت العامل الرئيسي في تقلب أسعار النفط هذا الأسبوع. وأوضح أن الرئيس ترامب كان قد هدد بفرض رسوم جمركية على مشتري النفط الروسي، وهو ما أثر بشكل رئيسي على الهند باعتبارها المشتري الوحيد المتأثر بهذه الرسوم. وعلى الرغم من أن الرسوم الجمركية كانت أقل من المتوقع بنسبة 25% بدلاً من 50% أو 100%، إلا أن الأسواق تراقب تأثير هذه الإجراءات على إمدادات النفط الروسية.
وأضاف ستونوفو أن “الإمدادات الروسية لم تتأثر حتى الآن بسبب الاتفاقية المستمرة بين أوبك+، والتي تحد من الإنتاج. على الرغم من ذلك، فإن المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا قد تؤدي إلى تقليل المخاطر المتعلقة بانقطاع الإمدادات.”
مفاوضات أميركية روسية: أفق محتمل للسلام
في تطور آخر، أعلن مسؤول في الكرملين عن لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطوة قد تساهم في تسوية الأزمة الأوكرانية. اللقاء المتوقع سيكون الأول بين الرئيسين منذ القمة التي جمعتهما في جنيف في يونيو 2021. ويُتوقع أن يتم اللقاء في الأيام المقبلة، وسط تكهنات بأن هذه المحادثات قد تؤدي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وأشارت فاندانا هاري، الرئيسة التنفيذية لشركة فاندا إنسايتس، إلى أن السوق دخل في حالة “انتظار ومراقبة” وسط هذه التطورات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا، معتبرةً أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، مما قد يعيد التوازن إلى سوق النفط.
قرار أوبك+ وزيادة الإنتاج
في سياق آخر، كانت قرارات أوبك+ قد لعبت دورًا في تراجع أسعار النفط. فقد قرر تحالف منتجي النفط بقيادة السعودية وروسيا زيادة الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يوميًا لشهر سبتمبر، مما يمثل الشهر السادس على التوالي من رفع الإنتاج. كما يواصل التحالف تخفيف التخفيضات الطوعية التي كانت قد فُرضت خلال جائحة كوفيد-19.
تجدر الإشارة إلى أن قرار زيادة الإنتاج يهدف إلى تعويض الفجوة في إمدادات السوق بعد تراجع الإنتاج النفطي العالمي في السنوات الماضية. كما أن أوبك+ كانت قد أعلنت في الشهر الماضي عن زيادة أكبر من المتوقع قدرها 548 ألف برميل يوميًا لشهر أغسطس، مما يزيد من الإمدادات تدريجيًا لتلبية الطلب العالمي المتزايد.
مستقبل أسعار النفط
تواجه أسعار النفط تحديات كبيرة وسط الرسوم الجمركية الأميركية والقلق من استمرار الحرب في أوكرانيا. ومع استمرار المفاوضات حول وقف إطلاق النار، قد يشهد السوق تحولات جديدة تؤثر على أسواق النفط العالمية. ومع القرارات المستمرة من أوبك+ لزيادة الإنتاج، من المحتمل أن تستمر أسعار النفط في تقلباتها الكبيرة خلال الأشهر القادمة.