حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من أن البلدان النامية المثقلة بالديون تواجه سنوات من المشاكل الاقتصادية الناجمة عن تباطؤ النمو العالمي وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض الاستثمارات.
وتوقعت المنظمة الدولية أن يكون النمو السنوي عبر أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، دون مستويات ما قبل جائحة كورونا.
وأكدت الوكالة الأممية أن أسعار الفائدة المرتفعة مقترنة بمستويات الديون المرتفعة ستضيف إلى التأثير “الساحق” على البلدان النامية خلال السنوات القادمة، مما “سيزيد من تفاقم أزمة تكلفة المعيشة التي يواجهها مواطنوها حالياً وسيزيد من عدم المساواة في جميع أنحاء العالم”.
ووفقاً للأونكتاد، فإن ارتفاع أسعار الفائدة “سيكلف البلدان النامية أكثر من 800 مليار دولار من الدخل الضائع خلال السنوات القادمة”، فيما ترتفع تكاليف خدمة الديون على حساب الاستثمار والإنفاق العام.
فقد ارتفعت تكاليف الاقتراض، المقاسة من خلال عائدات السندات السيادية، من 5.3 في المائة إلى 8.5 في المائة في 68 من الأسواق النامية عام 2022.
وقال التقرير إن تكاليف خدمة الديون تجاوزت الإنفاق العام على الخدمات الأساسية باستمرار على مدى العقد الماضي، وأن “عدد البلدان التي تنفق على خدمة الدين العام الخارجي أكثر من الرعاية الصحية زاد من 34 إلى 62 خلال هذه الفترة”.
وكانت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد قد حذرت العام الماضي من هذه الديناميكية، واصفة إياها بأنها “مقايضة بين الاستثمارات في الديون والاستثمارات في الأفراد”.
ومن المتوقع أن تستمر معاناة الاستثمارات العامة في البلدان النامية، حيث تدفع البلدان إلى دائنيها الخارجيين أكثر مما تحصل عليه في القروض الجديدة.
ووفقاً للأونكتاد، كان هذا هو حال 39 بلداً عام 2022، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على التنمية والحماية الاجتماعية ومكافحة أوجه عدم المساواة على نطاق أوسع.
في غضون ذلك، تجف السيولة الدولية من الاقتصادات النامية. فبحسب التقرير خسرت جميع الدول النامية البالغ عددها 81 دولة، باستثناء الصين، 241 مليار دولار من الاحتياطات الدولية عام 2022، مما يمثل سبعة في المائة في المتوسط.
وقالت الأونكتاد إن أكثر من 20 دولة شهدت انخفاضاً في احتياطاتها بنسبة تزيد عن 10 في المائة، “وفي كثير من الحالات استنفدت الإضافة الأخيرة من حقوق السحب الخاصة”.
حقوق السحب الخاصة هي أصول احتياطية دولية أنشأها صندوق النقد الدولي لتكملة احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية للدول الأعضاء والمساعدة في توفير السيولة لها. نفذ صندوق النقد الدولي أكبر تخصيص على الإطلاق لحقوق السحب الخاصة، بقيمة 650 مليار دولار، في آب / أغسطس 2021 لدعم البلدان خلال الأزمة الاقتصادية بسبب جائحة كوفيد-19.
وسط نقص السيولة، حذرت الأونكتاد من احتمال استمرار معاناة 500 مليون شخص يعيشون في 37 دولة “لسنوات قادمة من عواقب نظام مالي عالمي غير قادر على الاستجابة بالحجم والسرعة اللازمين لمواجهة الصدمات النظامية التي تؤثر على العالم النامي”.
سلط التقرير الضوء على استمرار تفشي تضخم أسعار الغذاء في البلدان النامية في أوائل عام 2023، مما يساهم في ارتفاع تكاليف المعيشة.
هذا يعكس أحدث تقييم لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، والذي قال إنه على الرغم من انخفاض أسعار الأغذية حول العالم لـ 12 شهراً متتالية، لا تزال الأسعار أعلى بنسبة 30 في المائة اليوم مقارنة بالمستوى المتوسط الذي سُجل عام 2020، وتعاني العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من التضخم في أسعار المواد الغذائية تفوق العشرة في المائة.
ووفقاً لكبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة ماكسيمو توريرو، فإن ارتفاع أسعار الغذاء يعرض الأمن الغذائي للخطر، “لا سيما في البلدان النامية المستوردة للأغذية، مع تفاقم الوضع بسبب انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار الأمريكي أو اليورو وتزايد عبء الديون”.
وحذرت الأونكتاد كذلك من أن أسعار الفائدة المرتفعة وأسعار الغذاء والطاقة المتضخمة ستواصل إضعاف إنفاق الأسر والاستثمار في الأعمال التجارية.