أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق برنامج قرعة البطاقة الخضراء (الهجرة العشوائية)، منهيةً بذلك أحد أقدم مسارات الهجرة القانونية المجانية إلى الولايات المتحدة، في خطوة تفتح الباب أمام نظام جديد قائم على الدفع المرتفع تحت مسمى «بطاقة ترامب الذهبية»، وتزامنت مع تشديد غير مسبوق على الهجرة من الدول العربية والأفريقية.
وجاء القرار بعد أيام من حادثة إطلاق نار دامية في جامعة براون بولاية رود آيلاند، ومقتل أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث قالت السلطات الأمريكية إن المشتبه به الرئيسي، كلاوديو نيفيس فالينتي، وهو مواطن برتغالي يبلغ 48 عاماً، دخل الولايات المتحدة عبر برنامج تأشيرة الهجرة بالقرعة المتنوعة عام 2017 وحصل لاحقاً على البطاقة الخضراء.
وأفادت التحقيقات بأن فالينتي اقتحم مبنى جامعياً وقتل شخصين وأصاب تسعة آخرين، قبل أن يُشتبه أيضاً بقتله أستاذاً جامعياً كان قد درس معه سابقاً. وعلى إثر ذلك، أعلنت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أن الإدارة قررت وقف البرنامج فوراً.
وكتبت نويم على منصة التواصل الاجتماعي X: «بتوجيه من الرئيس ترامب، أوجه إدارة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية إلى تعليق برنامج DV1 فوراً، لضمان عدم تضرر المزيد من الأمريكيين من هذا البرنامج الكارثي»، معتبرة أن القرعة تشكل خطراً أمنياً.
غير أن منتقدين رأوا أن القرار يتجاوز الاعتبارات الأمنية، ويأتي في سياق توجه أوسع لتحويل الهجرة إلى سلعة مدفوعة الثمن. ففي اليوم التالي للإعلان، قال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إن الولايات المتحدة حققت نحو 1.3 مليار دولار خلال يومين فقط من بيع ما أطلق عليه «بطاقات ترامب الذهبية».
وتمنح «البطاقة الذهبية» الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، على غرار البطاقة الخضراء، لكنها تتطلب رسوماً باهظة. ووفق الحكومة الأمريكية، يتعين على المتقدمين دفع 15 ألف دولار كرسوم معالجة أمنية لوزارة الأمن الداخلي، والخضوع لتدقيق أمني مشدد، إضافة إلى دفع مليون دولار للحصول على الإقامة الدائمة «بإجراءات سريعة».
كما أعلنت الإدارة عن فئة أكثر تميزاً تُعرف باسم «بطاقة ترامب البلاتينية»، تتطلب رسوماً أمنية مماثلة، إلى جانب مساهمة مالية قدرها خمسة ملايين دولار. وتتيح هذه البطاقة لحامليها غير الأمريكيين الإقامة في الولايات المتحدة لمدة تصل إلى 270 يوماً دون الخضوع للضرائب الأمريكية على الدخل غير القادم من الولايات المتحدة.
وبررت الإدارة هذه السياسات بأنها تهدف إلى «جذب النخب ورؤوس الأموال» وتعزيز الاقتصاد الأمريكي، إلا أن منتقدين وصفوها بأنها تكرّس التمييز الطبقي، وتغلق الباب أمام المهاجرين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، خصوصاً من الدول النامية.
ويُذكر أن برنامج قرعة البطاقة الخضراء أُطلق عام 1995، وكان يمنح سنوياً ما يصل إلى 55 ألف تأشيرة إقامة دائمة لمواطنين من دول ذات معدلات هجرة منخفضة إلى الولايات المتحدة، وشكّل على مدى عقود فرصة نادرة للهجرة القانونية المجانية.
ويتزامن إلغاء البرنامج مع تشديد واسع في سياسات الهجرة، إذ أوقف ترامب بالفعل الهجرة من عدد كبير من الدول العربية والأفريقية، ووسّع هذا الأسبوع نطاق الحظر ليشمل حاملي جوازات سفر السلطة الفلسطينية والسوريين.
وفي حين تصف الإدارة هذه الخطوات بأنها ضرورية للأمن القومي، يرى منتقدوها أنها تعيد إحياء حظر السفر المثير للجدل الذي فرضه ترامب سابقاً، وتستهدف بشكل غير متناسب شعوباً من مناطق ذات أغلبية مسلمة، في مقابل فتح الأبواب على مصراعيها للأثرياء القادرين على الدفع.