شنت الولايات المتحدة، عشرات الغارات الجوية على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) داخل الأراضي السورية، في تصعيد عسكري وصفته واشنطن بأنه رد مباشر على هجوم دامٍ أودى بحياة ثلاثة أمريكيين الأسبوع الماضي، بينهم جنديان ومترجم مدني.
وأعلن وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث عبر منصة “إكس” إطلاق العملية العسكرية التي حملت اسم “عملية ضربة هوك آي”، مؤكداً أن الغارات استهدفت مقاتلي التنظيم وبنيته التحتية ومواقع أسلحته في مناطق متفرقة من سوريا.
وقال هيغسيث إن العملية جاءت “كرد مباشر على الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية في 13 ديسمبر/كانون الأول في منطقة تدمر”.
وشدد الوزير الأمريكي على أن الضربات لا تمثل بداية حرب جديدة، مضيفاً في لهجة تهديدية: “هذه ليست بداية حرب، بل إعلان انتقام”.
وتابع قائلاً: “إذا استهدفتم الأمريكيين – في أي مكان في العالم – فستقضون ما تبقى من حياتكم القصيرة وأنتم تعلمون أن الولايات المتحدة ستطاردكم، وتجدكم، وتقتلكم بلا رحمة”.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) قد أعلنت قبل ستة أيام أن مقاتلاً من تنظيم الدولة الإسلامية نصب كميناً لدورية أمريكية في محيط تدمر بوسط سوريا، أثناء اجتماع الجنود الأمريكيين مع قادة محليين.
وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة أمريكيين، فيما ردت القوات الأمريكية على الفور واشتبكت مع المهاجم وقتلته في موقع الحادث.
ونقلت وكالة “رويترز” صوراً لوصول رفات اثنين من أفراد الحرس الوطني في ولاية أيوا، إضافة إلى مدني أمريكي، إلى قاعدة دوفر الجوية في ولاية ديلاوير، في مشهد أعاد تسليط الضوء على المخاطر التي تواجه القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا ضمن مهام “مكافحة الإرهاب”.
من جهتها، أدانت الحكومة السورية الهجوم، مؤكدة في بيان صادر عن وزارة الخارجية التزامها بمواصلة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
كما وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الهجوم بأنه “كمين إرهابي جبان” استهدف دورية أمريكية-سورية مشتركة.
وفي تطور لافت، قالت وزارة الداخلية السورية لاحقاً إن المهاجم يُشتبه في كونه عنصراً ضمن قوات الأمن السورية وله ميول أو تعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية، ما أثار تساؤلات حول الاختراقات الأمنية وخطر الخلايا النائمة داخل المؤسسات المحلية.
على الصعيد السياسي، علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التطورات عبر حسابه على منصة “تروث سوشال”، معرباً عن دعمه للرئيس السوري أحمد الشرع، واصفاً إياه بأنه “الرجل الذي يعمل بجد لإعادة العظمة إلى سوريا”، في إشارة إلى استمرار التنسيق الأمريكي-السوري في ملف مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتأتي هذه الضربات في سياق حملة مستمرة تقودها الولايات المتحدة بالتعاون مع شركاء محليين في سوريا، حيث نفذت واشنطن خلال العام الماضي عدة عمليات استهدفت قيادات وعناصر من التنظيم.
ويُقدَّر عدد الجنود الأمريكيين المنتشرين حالياً في شمال سوريا بنحو ألف جندي، ضمن مهمة معلنة تهدف إلى منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية والحفاظ على الاستقرار النسبي في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق.
ورغم تراجع نفوذ التنظيم مقارنة بسنوات سابقة، تؤكد واشنطن أن الهجوم الأخير يثبت أن “داعش” لا يزال قادراً على تنفيذ عمليات قاتلة، ما يبرر – من وجهة نظرها – استمرار الوجود العسكري الأمريكي والضربات الجوية داخل سوريا.