وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة أوروبيين بأنهم «خنازير صغيرة»، في تصريحات هجومية جديدة تعكس تصاعد حدة الخطاب الروسي تجاه أوروبا على خلفية الحرب المستمرة في أوكرانيا، وقبيل اجتماع حاسم لقادة الاتحاد الأوروبي لبحث تأمين تمويل إضافي لكييف.
وجاءت تصريحات بوتين خلال كلمة ألقاها في اجتماع موسع لمجلس إدارة وزارة الدفاع الروسية، عُقد في موسكو يوم الثلاثاء، حيث اتهم القادة الأوروبيين بدعم الحرب في أوكرانيا بدوافع انتقامية ورغبة في الاستفادة من «انهيار روسيا».
وقال بوتين إن أوروبا «أرادت استعادة شيء فقدته في فترات تاريخية سابقة والانتقام من روسيا»، مضيفًا أن هذه المساعي «فشلت فشلًا ذريعًا».
وفي هجوم مباشر، ألقى بوتين باللوم على الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، معتبرًا أنه «أشعل الحرب في أوكرانيا بشكل متعمد»، وقال إن القادة الأوروبيين «سارعوا فورًا لدعمه»، واصفًا إياهم بعبارة مهينة قال إنها تعكس «تبعية سياسية كاملة للولايات المتحدة».
وتأتي هذه التصريحات في وقت يستعد فيه قادة الاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع يهدف إلى التوصل لاتفاق حول آليات تمويل جديدة لدعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا، وسط انقسامات داخلية أوروبية بشأن حجم المساعدات واستدامتها، ومع تزايد الضغوط على الميزانيات الوطنية.
ومنذ أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، تواجه موسكو عقوبات غربية غير مسبوقة شملت قطاعات الطاقة والمصارف والدفاع، إضافة إلى عزلة دبلوماسية واسعة.
ورغم ذلك، قال بوتين إن بلاده «أظهرت ثباتًا» على المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية، مؤكدًا أن روسيا تمكنت من التكيف مع العقوبات والحفاظ على تماسكها الداخلي.
وأضاف الرئيس الروسي أن بلاده لا تزال «منفتحة نظريًا» على الحوار مع أوروبا، لكنه استبعد إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع «القيادة السياسية الأوروبية الحالية»، التي وصفها بأنها غير مستقلة في قرارها، وتتبنى نهجًا عدائيًا تجاه موسكو.
ورغم تصريحات الكرملين المتكررة عن الاستعداد للتفاوض، تواصل روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وترفض مقترحات السلام التي تتضمن انسحابها من الأراضي التي سيطرت عليها.
وتتهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو باستخدام خطاب المفاوضات كوسيلة ضغط سياسية، وليس كمسار حقيقي نحو تسوية دبلوماسية.
في هذا السياق، من المتوقع أن يعقد مسؤولون أمريكيون وروس اجتماعات غير معلنة في مدينة ميامي نهاية الأسبوع، في إطار مساعٍ تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع، وسط تشكيك أوروبي وأوكراني في جدية هذه المبادرة.
وخلال الاجتماع العسكري، أشاد بوتين بالجيش الروسي، معتبرًا أنه «لا يوجد في العالم من يمتلك جيشًا أفضل»، وقال إن القوات الروسية باتت «تتمتع بخبرة قتالية واسعة» نتيجة العمليات العسكرية المستمرة.
وتتزامن تصريحات بوتين مع تحذيرات أطلقها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، دعا فيها الدول الأعضاء إلى تعزيز جاهزيتها العسكرية، محذرًا من أن روسيا قد تكون قادرة على شن هجوم أوسع خلال السنوات الخمس المقبلة.
يُذكر أن استخدام مصطلح «الخنازير الصغيرة» ليس جديدًا في الخطاب الروسي، إذ سبق أن استخدمه الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الحالي ديمتري ميدفيديف في عام 2022 لوصف قادة غربيين، في سياق التصعيد السياسي والإعلامي بين موسكو والغرب.
وتعكس هذه اللغة التصعيدية استمرار التوتر العميق بين روسيا وأوروبا، في ظل غياب مؤشرات جدية على انفراج سياسي قريب، واستمرار الحرب في أوكرانيا كأحد أخطر الصراعات في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.