الإمارات تعدّل قانون الجرائم والعقوبات وسط تصاعد انتقادات حقوقية وتحذيرات من توسيع القيود

by hayatnews
0 comment

أصدرت حكومة الإمارات مرسوماً بقانون اتحادي يقضي بتعديل عدد من أحكام قانون الجرائم والعقوبات، في خطوة قالت إنها تهدف إلى تعزيز حماية المجتمع وصون حقوق الفئات الأكثر ضعفاً، وتحديث منظومة العدالة بما يواكب المتغيرات الاجتماعية والأمنية.

غير أن هذه التعديلات قوبلت بانتقادات حقوقية متجددة، اعتبرت أنها تُكرّس نهجاً تشريعياً يمنح السلطات أدوات أوسع للرقابة والعقاب، على حساب الحريات الأساسية.

ووفق بيان رسمي نقلته وكالة أنباء الإمارات “وام”، تمنح التعديلات الجديدة القضاء صلاحية إجراء تقييم شامل للمحكوم عليهم في بعض الجرائم المصنّفة على أنها خطيرة، وذلك خلال الأشهر الستة الأخيرة من مدة العقوبة.

ويشمل هذا التقييم فحوصاً طبية ونفسية واجتماعية، تهدف – بحسب الحكومة – إلى قياس “الخطورة الإجرامية” استناداً إلى السلوك السابق والتاريخ الجنائي والنتائج المهنية المعتمدة.

كما تتيح التعديلات للنيابة العامة التقدم بطلبات إلى المحكمة لاتخاذ تدابير احترازية بحق المحكوم عليه بعد انتهاء مدة العقوبة الأصلية، إذا رأت الجهات المختصة أن خطورته ما تزال قائمة.

وتشمل هذه التدابير الإيداع في مراكز تأهيل أو مآوٍ علاجية، أو إخضاع الشخص للمراقبة الإلكترونية، مع التأكيد على أن هذه الإجراءات تخضع لتقدير المحكمة المختصة.

وفي تطور أثار جدلاً إضافياً، نصّت التعديلات على إمكانية إيقاف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية في بعض الجرائم المصنفة ضمن “الماسة بأمن الدولة”، شريطة التزام المحكوم عليه بشروط تفرضها المحكمة.

غير أن القانون يتيح في الوقت ذاته إعادة تنفيذ العقوبة في حال الإخلال بهذه الشروط، وهو ما ترى منظمات حقوقية أنه يفتح الباب أمام استخدام هذه الصلاحيات كأداة ضغط دائمة على المحكومين، حتى بعد صدور الأحكام.

وشملت التعديلات أيضاً تشديد العقوبات على الجرائم الجنسية، ولا سيما تلك التي تستهدف القاصرين، حيث نصّ القانون على عقوبة السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات وغرامة مالية بحق كل من أتم الثامنة عشرة وارتكب اعتداءً جنسياً بحق شخص دون سن الثامنة عشرة، مع تطبيق قوانين الأحداث على الجناة القُصّر.

وقدّمت الحكومة هذه الإجراءات باعتبارها جزءاً من سياسة حماية الفئات الضعيفة وتعزيز الردع.

وأكدت السلطات أن هذه الخطوة تمثل “ركيزة أساسية” في مسيرة التطوير التشريعي، وتعكس التزام القيادة ببناء منظومة قانونية حديثة وفعّالة، توازن بين حماية المجتمع من جهة، وإتاحة فرص الإصلاح وإعادة الدمج للمحكوم عليهم من جهة أخرى.

غير أن هذه الرواية الرسمية لم تمنع تجدد الانتقادات الحقوقية، إذ تأتي التعديلات في سياق سجل طويل من الجدل حول قانون الجرائم والعقوبات، ولا سيما ما يتعلق بحرية التعبير والإعلام الرقمي.

وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن عدداً من مواد القانون لا تزال فضفاضة الصياغة، بما يسمح بتجريم أي انتقاد للسلطات أو رموز الدولة، خصوصاً عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وتوسّعت الانتقادات لتشمل قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يُتهم بتجريم السخرية أو “الإساءة” للدولة، ومنع نقل معلومات إلى منظمات حقوقية دولية إذا اعتُبر أنها تضر بسمعة الإمارات.

وترى جهات حقوقية أن هذه النصوص تتعارض مع المعايير الدولية، وتُستخدم لإسكات الأصوات المستقلة والمعارضة السلمية.

كما أعادت تقارير حقوقية التذكير بقضايا معتقلي الرأي، مشيرة إلى أن العقوبات المفروضة عليهم وُصفت بأنها قاسية وغير متناسبة.

وذكرت أسماء بارزة مثل أحمد منصور وناصر بن غيث وعبد الرحمن النحاس ومريم البلوشي، إضافة إلى عشرات آخرين ما يزالون رهن الاحتجاز أو يواجهون محاكمات جديدة رغم انتهاء مدد محكومياتهم.

وترى منظمات حقوقية أن تعديلات القوانين الجنائية، بما فيها تلك التي أُدخلت عام 2022، لم تؤدِّ إلى تخفيف القيود، بل أسهمت في توسيعها، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن مستقبل حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الإمارات.

وفي ظل ذلك، يؤكد مراقبون أن التحدي الحقيقي لا يكمن في تحديث النصوص القانونية فحسب، بل في ضمان عدم استخدامها لتقويض الحقوق الأساسية تحت غطاء الأمن وحماية المجتمع.

You may also like

Leave a Comment