اعتقال صحفي بريطاني في الولايات المتحدة يثير جدلاً حول حرية التعبير وانتقاد إسرائيل

by hayatnews
0 comment

أثار اعتقال السلطات الأميركية للصحفي البريطاني المسلم سامي حمدي في مطار سان فرانسيسكو، خلال جولة محاضرات حول الشرق الأوسط، موجة من الجدل على المستويين المحلي والدولي حول حرية التعبير والقيود المفروضة على الانتقاد السياسي لإسرائيل.

وقد وقع الحادث بعد يوم واحد من خطاب ألقاه حمدي في فعالية لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في ساكرامنتو، انتقد فيه السياسات الإسرائيلية في غزة ووصف ما يجري بأنه إبادة جماعية، وكان من المقرر أن يلقي كلمة أخرى في فلوريدا.

واعتبرت منظمة كير اعتقال حمدي بأنه رد مباشر على انتقاداته لإسرائيل، ووصفت العملية بأنها أشبه بـ”اختطاف” واعتداء صارخ على حرية الصحافة وحق الأفراد في التعبير عن آرائهم السياسية.

وأوضحت المنظمة أن حمدي، الذي يشغل منصب رئيس تحرير مجلة “المصلحة الدولية” المتخصصة في الجغرافيا السياسية، معروف بانتقاداته الصريحة للسياسات الأميركية والإسرائيلية، ولم يكن هناك أي نشاط إجرامي يمكن أن يبرر اعتقاله.

في المقابل، رحبت جماعات أميركية مؤيدة لإسرائيل، وعلى رأسها مؤسسة “راير فاونديشن”، باعتقال حمدي، واتهمته بالانتماء إلى شبكات جهادية والعمل على تحريض المسلمين الأميركيين على الفعل السياسي بما يتوافق مع “عقيدة الإخوان المسلمين”.

وقد أشادت شخصيات يمينية متطرفة، منها لورا لومر، بالاعتقال واعتبرته خطوة لتعزيز الأمن القومي الأميركي وحماية القيم الغربية التقليدية.

وتأتي هذه الواقعة في ظل تصاعد القمع القانوني والسياسي للأصوات المنتقدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، حيث أظهرت بيانات أن أكثر من ثلاثة آلاف طالب وناشط قد تم اعتقالهم أو ملاحقتهم في 2024 بسبب احتجاجهم على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وانتقدت هيومن رايتس ووتش هذه الممارسات واعتبرتها محاولة لإسكات الأصوات المنتقدة وخلق جو من الخوف داخل الجامعات والمجتمع المدني الأميركي.

من جهة أخرى، يشير تحليل الخبراء إلى أن هذه الإجراءات تعكس تأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل على السياسات الأميركية، حيث تمكنت هذه المنظمات من الضغط على السلطات لترحيل أو اعتقال ناشطين بارزين.

ويعكس اعتقال حمدي، بحسب منظمة كير، سياسة “إسرائيل أولاً” التي تعتبر أن مصالح الحكومة الإسرائيلية تُفرض على القوانين والأعراف الأميركية فيما يتعلق بحرية التعبير والمناصرة السياسية.

وتعكس الاعتقالات والترحيلات التي شملت الصحفيين والطلاب والمفكرين تحديًا واسع النطاق للحرية الأكاديمية والسياسية، خاصة في سياق قضايا الشرق الأوسط وفلسطين.

وقد حذرت هيومن رايتس ووتش من أن هذه الممارسات تهدد أسس المجتمع الحر، وتؤدي إلى خلق مناخ من الخوف في الجامعات الأميركية ويحد من النقاش المفتوح حول سياسات الحكومة الإسرائيلية وأدوارها في المنطقة.

على المستوى الدولي، سلطت هذه الأحداث الضوء على ازدواجية المعايير بين التعامل مع الأنشطة المماثلة داخل الولايات المتحدة وخارجها، خاصة أن الانتقادات نفسها قد تُعامل بشكل أكثر تساهلاً إذا لم تكن مرتبطة بالقضايا الفلسطينية أو بالانتقاد الموجه للحكومة الإسرائيلية.

كما أعاد الحادث النقاش حول دور المؤسسات الأميركية في حماية حقوق الصحفيين والنشطاء، ودرجة استقلالية السلطات القضائية والتنفيذية عن الضغوط السياسية والجماعات الخارجية.

في المحصلة، يضع اعتقال سامي حمدي الأسئلة حول حرية التعبير، الاستهداف السياسي للأقليات المسلمة، وتأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في قلب النقاش العام، ويشير إلى تصاعد التوتر بين السياسات الأميركية الرسمية ومبادئ الحقوق الأساسية.

ومع استمرار المحاكمات والضغط القانوني، ستظل هذه القضية اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الولايات المتحدة بالقيم الديمقراطية، ومدى قدرة المجتمع المدني على الدفاع عن حق الأفراد في التعبير بحرية عن آرائهم السياسية، حتى عندما تتعارض مع مصالح سياسية داخلية أو خارجية.

ويسلط هذا الحدث الضوء على حاجة واضحة لمراجعة السياسات الأمنية والقانونية تجاه النشطاء والأكاديميين، ويطرح تساؤلات حول التوازن بين الأمن القومي وحرية التعبير، وهو نقاش لن يقتصر على الولايات المتحدة بل سيمتد إلى المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية.

You may also like

Leave a Comment