دورٌ محوري: كيف تمسك قطر بمفاتيح تثبيت وقف إطلاق النار في غزة

by hayatnews
0 comment

بينما يختبر الإقليم صلابة وقف إطلاق النار في غزة، تتجه الأنظار إلى قطر بوصفها “الضامن الأكثر تأثيرًا” في معادلة التهدئة، بحسب ما أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية.

ولفتت الصحيفة إلى أن قطر من موقعها المزدوج كوسيطٍ معتمد لدى إسرائيل، و”القناة المالية واللوجستية الأهم” التي مرّت عبرها مساعدات وأموال إلى غزة طوال عقدٍ مضى، تبدو اليوم في صدارة من يمتلك النفوذ على قرارات حماس المقبلة ومسارات التطبيق اليومية لبنود الهدنة.

ويمتد رصيد قطر التفاوضي إلى استضافتها القيادة السياسية لحماس لسنوات، لكن “تحولات الصيف الماضي” أظهرت انتقالًا نوعيًا: بتوقيع «إعلان نيويورك» (29 يوليو) انضمت الدوحة إلى دول عربية في القبول بمبدأ “إنهاء حكم حماس في غزة” وتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية «تمهيدًا لدولة فلسطينية مستقلة».

وقد ترافق ذلك مع “مراجعات إعلامية” داخل شبكة الجزيرة نحو تغطية أكثر توازنًا، ومع “ضغوط مباشرة” أوضح في الاجتماعات المغلقة على قيادة حماس للإيفاء بالتزامات التهدئة.

ضمانات أمريكية… وتصحيح مسار مع إسرائيل

صاغ الوسطاء القطريون رسائل لا لبس فيها: “تسليم جميع الرهائن المتبقين” شرطٌ لا بد منه، مع تعهدٍ نُقل عن فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (جاريد كوشنر والمبعوث ستيف ويتكوف) بضمان “عدم استئناف الحرب من جانب إسرائيل”.

وبحسب مصادر دبلوماسية، شكّل هذا الضمان بوابة إعادة إحياء محادثات القاهرة الأخيرة.

وفي خلفية المشهد، اندلع توترٌ حادّ بعد محاولة إسرائيلية لاستهداف مفاوضين من حماس في الدوحة في 9 سبتمبر، ما دفع واشنطن إلى “إلزام” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتذارٍ علني لقطر، وإقرار “آلية ثلاثية رسمية” (إسرائيل–قطر–الولايات المتحدة) لـ«تصحيح المفاهيم وتفادي سوء الفهم» مستقبلاً.

وبالتوازي، وقّع ترامب “أمرًا تنفيذيًا يوفر مظلة أمنية أمريكية لقطر”، وخطوات دفاعية عملية شملت تسهيلات تدريبية للطيران القطري.

ضغوط متقابلة على الدوحة

رغم هذا الزخم، تبقى قطر “داخل جدل أمريكي داخلي”؛ إذ يواصل تيار يميني اتهامها بالتساهل مع الإسلاميين، فيما ترى دوائر أخرى أن الدوحة “شدّدت موقفها بالفعل” منذ أشهر. وبين هذين الضغطين، تتحرك قطر على سكةٍ دقيقة: “تثبيت الهدنة” مع الحفاظ على دورها الوسيط وسمعتها الدولية.

وبحسب الغارديان فإن ثمة ملفّين عاجلين على الطاولة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

“أولاً: مسألة نزع سلاح حماس.” تتطلب العملية مسارًا فنيًا شاقًا: تحديد “أنواع الأسلحة”، مصير “شبكات الأنفاق”، وجهة “التسليم والوصاية” (قوة دولية؟ السلطة الفلسطينية؟)، وما إذا كان الحَلّ سيتضمن “تمويلًا قطريًا” وحزم تحفيز أو “منفى اختياري لبعض القادة”.

أي صيغةٍ مرتجلة ستفتح الباب لفراغ أمني، فيما تسعى الدوحة إلى “ضمانات متبادلة” تمنع انهيار النظام العام في القطاع.

ثانيًا: إعادة تموضع تجاه السلطة الفلسطينية.” تضغط واشنطن وشركاء عرب على مسار “إصلاحات داخلية وانتخابات خلال عام” لتجديد الشرعية.

ولا تبدو الدوحة راغبة في العودة إلى ترتيبات مالية مؤقتة لعبت سابقًا—وفق منتقدين—دور «صمام الأمان» دون حل سياسي، بل تميل إلى “هندسة آليات متعددة الأطراف” تضمن الشفافية وتمنع توظيف المساعدات خارج الغايات المدنية.

بين وقف النار والإعمار: ضبط الإيقاع

عمليًا، تمسك قطر بخيطين حاسمين: “بوابة الرهائن والمفقودين”، و”معمار التمويل والإغاثة”. نجاحها في الأول يمنح الهدنة “زخمًا سياسيًا” ويقلص ذريعة استئناف العمليات.

ونجاحها في الثاني يفتح الطريق أمام “جدولٍ واضح للإعمار” بإشراف دولي ومساءلة، بعيدًا عن «القنوات الخلفية» التي شابت سنوات ما قبل الحرب.

وتراهن قطر على صيغة تمنع «الفراغ الأمني» في اليوم التالي: “إخراجٌ متدرّج للدور العسكري لحماس” مع إبقاء “بنى مدنية وخدمية” تعمل تحت إشرافٍ توافقي، وصولًا إلى “نقلٍ مؤسسي منظّم” للسلطة والموارد.

ويحتاج هذا المسار إلى “تفاهمات أمنية دقيقة” تمنع «الانتكاسة»، وضمانات سياسية تُجبر جميع الأطراف على “الالتزام”—لا سيما إسرائيل—بعدم “نقض التفاهمات” تحت ذرائع طارئة.

وفي ميزان ما بعد النار، “قطر هي عقدة الوصل”: تمسك بخيوط حماس، وتملك باب واشنطن، وتدير قناةً عربية–دولية قادرة على تمويل الإغاثة والإعمار.

وتؤكد الصحيفة أن نجاح الهدنة لن يتوقف على “نصوص الاتفاق” فحسب، بل على قدرة الدوحة على “تجميد أسباب الاشتعال”: أسرى، خروق ميدانية، فراغ أمني، ومسارات سياسية مسدودة. وإذا صمدت آلية الثلاثي (قطر–الولايات المتحدة–إسرائيل) مع دفعٍ عربي مساند، فقد يتحول الدور القطري من “إطفاء حرائق” إلى “هندسة استقرار”… وهذا هو الفارق بين هدنةٍ مؤقتة، وصفقةٍ قابلة للحياة.

You may also like

Leave a Comment