برلمان أوروبا يلوّح بمسؤولية شخصية لمديري شركات التكنولوجيا عن سلامة الأطفال

by hayatnews
0 comment

قبل تصويتٍ مرتقب في لجنة السوق الداخلية وحماية المستهلك بالبرلمان الأوروبي (IMCO)، يدفع مشرّعون أوروبيون باتجاه تحميل المسؤولين التنفيذيين في شركات التكنولوجيا مسؤوليةً شخصية عند الإخفاق «الخطير والمتكرر» في حماية القاصرين على المنصات الرقمية، في خطوةٍ رمزية لكنها تكشف مزاجًا سياسيًا متصاعدًا في القارة حيال سلامة الأطفال على الإنترنت.

وأقرّت اللجنة، بأغلبية مريحة، تقريرًا يدعو لتطبيق أسرع وصارم لقانون الخدمات الرقمية (DSA) وحظر ممارسات تصميم «إدمانية» تشبه المقامرة، مع تسليط الضوء على قصور المنصات الكبرى في حماية القاصرين من الإدمان والمحتوى غير القانوني والضار.

والتقرير—الذي يُرفع إلى الجلسة العامة في نوفمبر—لا يُنشئ التزامًا قانونيًا بذاته، لكنه يرسم خارطة ضغط سياسي على المفوضية والدول الأعضاء: من مطالبة المفوضية بدراسة آليات مساءلة شخصية للمديرين التنفيذيين في حالات الانتهاكات الجسيمة لقواعد حماية القُصّر، إلى الدعوة لحظر أنماط تصميم «خطّافية» في الألعاب والتطبيقات تستهدف صغار السنّ.

وتتزامن هذه اللهجة مع جولة جديدة من تحركات المفوضية ضد منصات كبرى بموجب الـDSA، شملت طلبات معلومات وتقصّي إجراءات التحقّق العمري ومنع تعريض القاصرين لمحتوى مؤذٍ على خدمات مثل سناب شات ويوتيوب ومتاجر تطبيقات آبل وغوغل.

وتعكس هذه التطورات انتقال سياسة الاتحاد الأوروبي من «المبادئ» إلى التنفيذ والإرشاد العملي: فقد نشرت المفوضية مؤخرًا إرشادات نهائية لحماية القاصرين بموجب الـDSA ومنهجية مرجعية لـ«التحقّق العمري»، ثم أتبعَتها بخطوات إنفاذ أوليّة للتحقق من التزام المنصات.

كما تحتفظ المفوضية بملفات مفتوحة ضد شركاتٍ بينها «ميتا» (فيسبوك/إنستغرام)، في تحقيقات تطال إدارة المخاطر، والخوارزميات، وشفافية الإعلانات، وحماية القاصرين.

وتخوّل الـDSA فرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية عند ثبوت المخالفات.

في خلفية المشهد، يتسارع الزخم التشريعي والتنظيمي الأوروبي لصون الطفولة الرقمية: من توصيات البرلمان إلى مساعي الرئاسة الدنماركية للدفع بتوافقات حول تشريعات مكمّلة (كملف الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الشبكة)، مرورًا بإطلاق دراساتٍ واستشاراتٍ حول التنمّر الإلكتروني وتوافق القوانين الوطنية مع الـDSA.

والهدف المعلن: بناء بيئةٍ رقميةٍ يمكن فيها للصغار «التعلّم واللعب والتواصل بأمان»—مع صون الحقوق الرقمية في الوقت نفسه.
لكن المعركة ليست أوروبية خالصة. إذ انتقدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارًا قواعد الاتحاد الرقمية، ووصفتها بأنها «تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية وتماثل الرقابة»، ولوّحت باتخاذ إجراءاتٍ تجارية مضادة.

وقد ردّت بروكسل بأن الـDSA والـDMA يطبَّقان على الجميع، وقد طالت إجراءات الإنفاذ منصات صينية وأميركية على السواء. ويُرجّح أن يتواصل السجال عبر الأطلسي كلما اشتدت وتيرة تنفيذ القواعد داخل أوروبا.

عمليًا، ماذا يعني التلويح بالمسؤولية الشخصية؟ حتى لو لم يتحوّل فورًا إلى نصّ مُلزِم، فإنه يضع ضغطًا إداريًا وأخلاقيًا على مجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين لمعاملة حماية القاصرين كـ«خطرٍ جوهري» على مستوى الامتثال المؤسسي—لا كمسألة فرق موثوقية أو سلامة فقط.

ويبعث أيضًا بإشارة للمستثمرين والمنظمين الوطنيين بأن فشل المنصة الممنهج قد يستدعي إجراءات تتجاوز الغرامات التقليدية.

في المقابل، تحذّر شركات التكنولوجيا من مخاطر «الزائد التنظيمي» على الابتكار وإتاحة الخدمات المجانية، وتُجادل بأن أنظمة التحقّق العمري الصارمة قد تفتح أبوابًا لمخاطر على الخصوصية أو تُقصي البالغين خطأً.

غير أن الخط البياني الأوروبي يسير باتجاه توازنٍ أكثر تشددًا: أولوية سلامة الصغار، مع حلول تحققٍ أقل تدخّلًا حيث أمكن، لكن مع المساءلة الفعلية حين تفشل المنصات في ضبط خوارزمياتها أو حماية جمهورها الأصغر سنًا.

والخطوة التالية ستكون في ستراسبورغ خلال التصويت العام على تقرير البرلمان في نوفمبر؛ أما على الأرض، فحاسمته ستبقى ملفات المفوضية المفتوحة ضد المنصات الكبرى، وسرعة تحويل الإرشادات إلى إجراءات تصحيحية قابلة للقياس—من تحسين اكتشاف المحتوى الضار، إلى ضبط التصميمات «الإدمانية»، ورفع كفاءة أدوات الإبلاغ والرقابة الأبوية.

وهناك فقط ستظهر الإجابة على السؤال الأهم: هل تنجح أوروبا في ترجمة قواعدها إلى منصّاتٍ أكثر أمانًا للأطفال… أم تبقى المعركة في خانة الإعلانات والبيانات الصحفية؟.

You may also like

Leave a Comment