يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستقبال نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، يوم الجمعة، في لقاء يُنظر إليه كإشارة جديدة إلى انحياز واشنطن المتزايد لكييف، بعد أشهر من التذبذب والضغط على الأخيرة لتقديم تنازلات في حربها مع روسيا.
وأكدت مصادر أوكرانية وأميركية متطابقة موعد الاجتماع، مشيرةً إلى أنّ جدول الأعمال سيتصدره ملف تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، وهي خطوة ناقشها الزعيمان هاتفيًا الأحد الماضي.
وشهدت العلاقة بين ترامب وزيلينسكي تحسنًا ملحوظًا منذ المواجهة الباردة في فبراير/شباط الماضي، حين انتقد ترامب ونائبه جيه دي فانس علنًا ما اعتبراه «نقصًا في امتنان» كييف للدعم الأميركي.
لكنّ الأشهر الأخيرة حملت تحولًا في خطاب البيت الأبيض؛ إذ وصف ترامب للمرة الأولى روسيا بأنها «المعتدي» في الحرب، ورأى أنّ أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها، في تراجع واضح عن نهج المهادنة الذي اتّبعه سابقًا مع فلاديمير بوتين.
وهذا التحول ترافق مع رسائل ضغط علنية على موسكو؛ فترامب لوّح بإمكان «إبلاغ روسيا» بأن واشنطن قد تزوّد كييف بصواريخ توماهوك إذا لم تُبدِ تقدمًا نحو إنهاء الحرب، في محاولة لاستخدام سلاح العقوبات والتسليح كرافعتين متوازيتين لإجبار الكرملين على التفاوض.
«توماهوك» على الطاولة
تعتبر صواريخ توماهوك عنصرًا نوعيًا في أي حزمة تسليح لأوكرانيا؛ إذ تمنحها قدرة ضرب أهداف بعيدة في العمق العسكري الروسي بدقة عالية.
ورغم أن ترامب كان مترددًا سابقًا خشية التصعيد، تشير تقارير إلى أنه بات «يميل أكثر» إلى فكرة التزويد، مع تقديرات خبراء بأن الكميات المتاحة للتسليم فوريًا قد تكون محدودة (عشرات الصواريخ)، لكنها كفيلة بتغيير حسابات موسكو ورفع كلفة استمرار الحرب.
من جهته، يرى زيلينسكي أن إدخال منظومات بعيدة المدى سيساعد على دفع روسيا إلى طاولة المفاوضات، إذ «يزيد الثمن العسكري» للاستمرار في القتال، وقد ناقش مع ترامب صيغًا لتمويل وتدبير هذه القدرات عبر الحلفاء أيضًا.
أثر نجاح غزة على أوكرانيا
يعوّل الرئيس الأوكراني على الزخم الدبلوماسي الذي حققه ترامب في ملف وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؛ إذ اعتبر زيلينسكي أن نجاح الوساطة في الشرق الأوسط يمنح أملًا بإمكانية ممارسة ضغوط مماثلة على بوتين، إلى درجة أنه لمح إلى ترشيح ترامب لـ«نوبل للسلام» إذا تمكن من انتزاع اتفاق ينهي الحرب في أوروبا الشرقية.
وتأتي القمة المرتقبة بينما تكثّف روسيا هجماتها الجوية والصاروخية على مدن أوكرانية، شملت مؤخرًا ضرب مستشفى رئيسي في خاركيف، ما أعاد تسليط الضوء على حاجة كييف إلى دفاعات جوية ووسائط بعيدة المدى لردع الغارات واستهداف منصات الإطلاق الروسية.
وتؤكد كييف أن تعزيز قدراتها الهجومية والدفاعية بات شرطًا لفرض تسوية عادلة.
حسابات البيت الأبيض والكونغرس
داخل واشنطن، سيختبر لقاء الجمعة قدرة الإدارة على مواءمة الدعم العسكري مع إدارة مخاطر التصعيد.
فبينما يضغط صقور الحزبين لتمكين كييف سريعًا، لا يزال هناك تيار حذر يطالب بربط أي تسليم لتوماهوك بإجراءات «ضبط استخدام» وتنسيق استخباراتي لصون خطوط عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا.
وتكشف تسريبات عن مقترحات لتسليم دفعات صغيرة مشروطة بالأثر الميداني وإشارات موسكو التفاوضية، للحفاظ على «سلم تصعيد» يمكن التحكم به.
ويرجّح مراقبون أن يخرج اجتماع البيت الأبيض بإحدى نتيجتين:
1. إعلان إطار مبدئي لتزويد أوكرانيا بمنظومات بعيدة المدى (توماهوك أو بدائل غربية)، مع جدول زمني وتسلسل استخدام، أو
2. معادلة ضغط مشروطة: رسالة نهائية إلى موسكو تمنح نافذة قصيرة للتقدم نحو مفاوضات جادة، وإلا تمضي واشنطن في التسليح النوعي.
وفي الحالتين، سيحاول ترامب توظيف «نجاح غزة» سياسيًا لإظهار قدرته على عقد صفقات، فيما يسعى زيلينسكي إلى اقتناص لحظة دعم أميركي تُحسّن موقع أوكرانيا التفاوضي وتمنح جيشه أدوات ضغط ميداني.