أطلقت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية مراجعة شاملة لبرامج التمويل الأمني الموجهة للمساجد والمنظمات الإسلامية، بعد أن استندت إلى تقرير أصدرته مؤسسة بحثية مؤيدة لإسرائيل تتهم بعض هذه الكيانات بوجود “ارتباطات متطرفة”. القرار أثار جدلًا واسعًا بين منظمات الحقوق المدنية، التي اعتبرته خطوة تمييزية ذات دوافع سياسية.
خفض أولي بملايين الدولارات
وفقًا لوثيقة حصلت عليها فوكس نيوز، خفّضت الوزارة بالفعل 8 ملايين دولار من التمويل عبر 49 مشروعًا، بدعوى وجود صلات مزعومة بجماعات إرهابية. التقرير المثير للجدل الصادر عن “منتدى الشرق الأوسط” (MEF) – الذي تأسس عام 1994 على يد الباحث دانيال بايبس – زعم أن الوزارة منحت بين عامي 2013 و2023 ما يقارب 25 مليون دولار لمنظمات غير ربحية يصفها بـ”المتطرفة”.
المنح محل الجدل تأتي من الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA)، التي تُخصص تمويلًا لتعزيز حماية دور العبادة والمؤسسات غير الربحية من التهديدات الإرهابية أو هجمات الكراهية.
المساجد تحت المجهر
شمل تقرير MEF اتهامات لمساجد ومراكز إسلامية بارزة، مثل:
الجمعية الإسلامية في بالتيمور
المركز الإسلامي في سان دييغو
مركز دار الهجرة الإسلامي في فرجينيا
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)
ورغم هذه الادعاءات، لم يقدم التقرير أدلة مباشرة تثبت الارتباط المزعوم بجماعات إرهابية. وقد استهدفت بعض هذه المؤسسات بالتهديدات من جماعات متطرفة، ما جعلها في حاجة ماسة إلى الدعم الأمني.
ردود فعل غاضبة
اعتبرت منظمة كير – وهي أكبر منظمة مدافعة عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة – أن هذه المراجعة تقوم على “هذيانات معادية للإسلام” صاغها منتدى الشرق الأوسط. وقال متحدث باسم المنظمة “المساجد لها نفس الحق القانوني الذي تتمتع به الكنائس والمعابد اليهودية في طلب المنح الفيدرالية لتعزيز أمنها”.
وأضاف: “وزارة الأمن الداخلي التي ترأسها كريستي نويم تسمح لمؤسسة MEF، المعروفة بعدائها للمسلمين، بالتأثير على القرارات الحكومية استنادًا إلى مزاعم غير موثقة”.
كير شددت أيضًا على أنها لا تمتلك أي منح فيدرالية نشطة يمكن للوزارة إلغاؤها أو مراجعتها حاليًا، مؤكدة أنها منظمة مستقلة أدانت مرارًا الإرهاب والتطرف، إلى درجة أن تنظيم “داعش” استهدف مديرها التنفيذي الوطني في السابق.
خلفية المؤسسة المثيرة للجدل
منتدى الشرق الأوسط (MEF) يوصف من قبل مركز قانون الفقر الجنوبي بأنه “مؤسسة بحثية معادية للمسلمين”. أما مؤسسها، دانيال بايبس، فقد نُقل عنه في تصريحات سابقة سخريته من المسلمين ووصْفهم بأنهم “أشخاص ذوو بشرة بنية يطبخون أطعمة غريبة ويحافظون على معايير مختلفة من النظافة”. بايبس نفسه سبق أن انتقد الرئيس ترامب ونعته بأنه “أناني” و”غير مناسب للرئاسة”.
موقف رسمي
من جهتها، قالت وزارة الأمن الداخلي ووكالة FEMA في بيان إنهما تجريان “تقييمًا شاملًا لجميع المنح للقضاء على الهدر والاحتيال والإساءة”. وأضاف متحدث رسمي: “على عكس الإدارة السابقة، لن تُستخدم المنح بعد الآن لتمكين منظمات متطرفة ذات علاقات مشكوك فيها لا تخدم مصالح الشعب الأمريكي”.
كما نقلت فوكس نيوز عن مسؤول في الوزارة تأكيده أن نتائج تقرير MEF تُؤخذ “على محمل الجد”، موجهًا الشكر إلى “جماعات المراقبة المحافظة على عملها”.
جدل متصاعد
تضع هذه الخطوة إدارة ترامب في مواجهة مباشرة مع منظمات الحقوق المدنية الأمريكية التي ترى في القرار تمييزًا ضد المسلمين وتوظيفًا للسياسات الأمنية لتصفية حسابات أيديولوجية. وبينما تؤكد الوزارة أن هدفها “حماية الأمن القومي”، يحذر ناشطون من أن استهداف المساجد والمؤسسات الإسلامية بهذه الصورة قد يعزز مناخ الكراهية ويقوض ثقة مكونات مجتمعية واسعة في مؤسسات الدولة.