أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الخميس، عن تسجيل حالتي وفاة جديدتين نتيجة سوء التغذية وأزمة الجوع المتفاقمة في القطاع، في مؤشر جديد على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار والدمار المستمر منذ أشهر.
وقالت الوزارة في بيانها إن الضحيتين من بين الفئات الأكثر هشاشة، حيث يعاني الأطفال وكبار السن بشكل خاص من نقص الغذاء والدواء، مؤكدة أن أعداد الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية تتزايد بشكل مقلق مع استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية.
أزمة إنسانية خانقة
تأتي هذه الوفيات في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يعيشها القطاع، حيث يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي، ونقص حاد في الأدوية الأساسية، وغياب شبه تام للرعاية الصحية الكافية. وتشير بيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية إلى أن نسبة كبيرة من سكان غزة باتت تعتمد على وجبات إغاثية محدودة، غالبًا لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
ووفق تقديرات منظمات دولية، فإن أكثر من نصف سكان القطاع يعانون من مستويات حادة من الجوع، في وقت تعجز فيه المرافق الصحية عن استقبال الأعداد المتزايدة من المرضى الذين يعانون من أمراض مرتبطة بسوء التغذية، مثل فقر الدم الحاد ونقص البروتينات.
مستشفيات عاجزة
أطباء في غزة أكدوا أن الوضع الصحي وصل إلى مرحلة حرجة، حيث امتلأت المستشفيات بأعداد من الأطفال الذين يعانون من الهزال ونقص الوزن، إلى جانب حالات متزايدة من الفشل الكلوي والتهابات الأمعاء الناتجة عن سوء التغذية.
وقال أحد الأطباء العاملين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة:
“لم نعد نملك القدرة على تقديم العلاج المناسب لضحايا سوء التغذية، حتى حليب الأطفال والأدوية البسيطة غير متوفرة. الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.”
وتؤكد الكوادر الطبية أن استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الكافية سيؤدي إلى ارتفاع أعداد الوفيات بشكل متسارع خلال الأسابيع المقبلة.
عرقلة وصول المساعدات
رغم الوعود الإسرائيلية بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، تقول منظمات الإغاثة إن القيود المشددة على المعابر وإجراءات التفتيش المعقدة تمنع وصول الكميات الكافية من الغذاء والدواء إلى القطاع.
وأوضحت تقارير أممية أن ما يدخل من شاحنات مساعدات لا يلبي سوى جزء ضئيل جدًا من احتياجات السكان اليومية، مشيرة إلى أن الازدحام الشديد والطوابير الطويلة أمام مراكز التوزيع أصبحت مشهدًا يوميًا في مختلف مناطق غزة.
وفي هذا السياق، حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من أن الوضع الحالي ينذر بـ”كارثة إنسانية متكاملة الأركان”، ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات بشكل عاجل ودون قيود.
نداء استغاثة
من جانبها، دعت وزارة الصحة في غزة المنظمات الدولية والإنسانية إلى التحرك الفوري لوقف هذا الانحدار الكارثي. وقالت في بيانها:
“كل يوم نتأخر فيه عن إدخال المساعدات، هناك حياة تُزهق، وأطفال يموتون بصمت تحت وطأة الجوع ونقص الدواء.”
كما شددت الوزارة على ضرورة توفير ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء إلى مختلف مناطق القطاع، خصوصًا في شمال غزة حيث الأوضاع الإنسانية أشد قسوة.
مسؤولية دولية
يرى مراقبون أن تزايد أعداد الوفيات بسبب الجوع في غزة يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني، حيث تفرض اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني على قوة الاحتلال مسؤولية توفير احتياجات المدنيين الأساسية.
لكن الواقع، بحسب منظمات حقوقية، يكشف عن استخدام التجويع كسلاح حرب ضد السكان، وهو ما قد يرقى إلى جريمة حرب تستوجب المحاسبة.