حققت دبي قفزة لافتة في قائمة أغلى المدن عالميًا للأثرياء، حيث تقدمت خمس مراتب لتحتل المركز السابع هذا العام، بحسب تقرير جوليوس باير العالمي للثروة ونمط الحياة 2025 الصادر عن البنك السويسري الخاص. ويعكس هذا الصعود الطفرة المستمرة التي تشهدها الإمارة في سوق العقارات وتدفق أصحاب الثروات إليها، لتصبح منافسًا جادًا لمعاقل الثروة التقليدية مثل لندن وموناكو وزيوريخ.
وذكر التقرير أن دبي أصبحت رابع أغلى مدينة للأثرياء في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، مدفوعة بارتفاع قوي في أسعار العقارات السكنية بنسبة 17%، إلى جانب زيادة أسعار السيارات الفارهة بنسبة 13%، رغم استقرار أسعار معظم السلع والخدمات الأخرى التي يستهلكها الأثرياء في الإمارة.
وقالت الدراسة: «شهد سوق العقارات الفاخرة في دبي نموًا سريعًا، حيث ينجذب الأفراد ذوو الثروات العالية إلى المساكن عالية الجودة، وهو ما جعل مدنًا مثل لندن تواجه منافسة أكثر شراسة». وأشار التقرير إلى أن المشترين في دبي يحصلون على مساحة تزيد بأكثر من الضعف مقابل أموالهم مقارنة بما توفره لندن.
تضاعف أعداد الأثرياء
بيانات نيو وورلد ويلث لصالح شركة هينلي آند بارتنرز الاستشارية للهجرة الاستثمارية كشفت عن تضاعف عدد أصحاب الملايين في دبي خلال العقد الماضي، حيث ارتفع عددهم من نحو 40 ألف مليونير إلى 81,200 مليونير حاليًا. كما ارتفع عدد المليونيرات الذين تتراوح ثرواتهم بين مئات الملايين إلى 237 فردًا، إضافة إلى 20 مليارديرًا يقيمون في دبي، مقارنة بـ 15 مليارديرًا العام الماضي.
هذا النمو بنسبة 102% في عدد الأثرياء يعكس تحوّل الإمارة إلى مركز عالمي للثروة، مدفوعًا بسياسات اقتصادية مرنة، وبنية تحتية متطورة، ونمط حياة فاخر يجذب رؤوس الأموال من مختلف أنحاء العالم.
سباق مع المدن العالمية
احتفظت سنغافورة بموقعها كأغلى مدينة للأثرياء عالميًا هذا العام، تلتها لندن التي تقدمت إلى المركز الثاني، بينما جاءت هونغ كونغ، موناكو، زيوريخ وشنغهاي في المراكز التالية، قبل دبي التي حلت سابعة. وأكملت نيويورك وباريس وميلانو قائمة أغلى عشر مدن للأثرياء بحسب مؤشر جوليوس باير.
ورغم زيادة طفيفة بنسبة 1% فقط في متوسط أسعار العملة المحلية في دبي، فإن قفزة أسعار العقارات والسيارات رفعت التكلفة الإجمالية للمعيشة الفاخرة. وتضمن المؤشر سلة من 20 سلعة وخدمة يستخدمها الأثرياء، منها العقارات، الساعات الفاخرة، المجوهرات، المحامون، والرسوم الجامعية لبرامج الماجستير في إدارة الأعمال.
جاذبية لا تخبو
يشير المحللون إلى أن جاذبية دبي ما تزال قوية رغم ارتفاع تكاليف المعيشة، إذ يرى كثير من المستثمرين أنها توفر بيئة أعمال مواتية، إلى جانب الاستقرار السياسي والاجتماعي، وإعفاءات ضريبية تشكل عنصر جذب إضافي.
وقال بنك جوليوس باير في تقريره: «في ظل المسار التصاعدي الحالي، قد لا يكون مفاجئًا أن نرى دبي تتنافس على مراكز أعلى في السنوات المقبلة. ورغم ارتفاع تكلفة المعيشة، فإن الإمارة لا تزال تتمتع بجاذبية قوية».
ويُتوقع استمرار زخم انتقال الأثرياء إلى دبي، وهو اتجاه بدأ خلال الجائحة حين سعت رؤوس الأموال إلى بيئات أكثر استقرارًا ومرونة. ووفقًا للتقرير، يُرجح أن يتجاوز صافي تدفق المليونيرات إلى دبي صافي التدفقات إلى أي مدينة أخرى حول العالم خلال الأعوام المقبلة.
تفضيلات الأثرياء تتغير
على المستوى الإقليمي، أظهر التقرير ميل الأثرياء في الشرق الأوسط نحو الإنفاق على السلع الفاخرة التجريبية مثل الإقامة في الفنادق الفاخرة، وملابس الرجال الراقية، والمطاعم الراقية، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالتكنولوجيا والهواتف الذكية وحقائب اليد النسائية الفاخرة.
عالميًا، انخفضت أسعار السلع والخدمات الفاخرة بنسبة 2% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة انخفاض أسعار التكنولوجيا، في حين سجلت بعض القطاعات مثل تذاكر درجة رجال الأعمال، الساعات الفاخرة، والرسوم المدرسية ارتفاعات حادة.
في ضوء ذلك، يبدو أن دبي ماضية بقوة لتُرسخ مكانتها ليس فقط كوجهة سياحية وتجارية، بل أيضًا كأحد المراكز الرئيسية للثروة العالمية، في عالم تتغير فيه خريطة المال والنفوذ بوتيرة متسارعة.