صوّت البرلمان الأوروبي على حذف دولة الإمارات العربية المتحدة وإقليم جبل طارق من «القائمة الرمادية» للاتحاد الأوروبي، التي تضم دولًا تعتبر أنظمتها ضعيفة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. خطوة وصفت بأنها تمهّد الطريق لتسريع المحادثات التجارية بين أبوظبي وبروكسل، وتخفيف القيود التي طالما أثرت على التعاملات المالية مع تلك الدول.
وتأتي هذه الخطوة بعد عام واحد فقط من رفض البرلمان الأوروبي إزالة الإمارات وجبل طارق من القائمة بسبب مخاوف تتعلق بمعايير مكافحة غسل الأموال، إضافة إلى الخلافات السياسية حول وضع جبل طارق، الإقليم البريطاني الذي تطالب إسبانيا بالسيادة عليه.
بحسب مصادر حضرت جلسات التصويت الأخيرة، كانت الإمارات قد أثارت مسألة إدراجها على القائمة الرمادية كأحد أبرز العوائق في مفاوضاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفع ماروش شيفتشوفيتش، مفوض التجارة الأوروبي، إلى الضغط على أعضاء مجموعته الاشتراكية الديمقراطية لدعم مقترح المفوضية الأوروبية بشأن الحذف.
ومن المقرر أن تدخل عمليات الشطب حيز التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة، فور نشر القرار في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
ورحبت المفوضية الأوروبية بنتيجة التصويت، مؤكدة أن الخطوة «تقرّ بالجهود المهمة والناجحة التي بذلتها الدول التي تم شطبها لتعزيز فعالية أطرها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وقال أحمد علي الصايغ، وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان رسمي:
«تظل الإمارات شريكًا موثوقًا واستراتيجيًا للاتحاد الأوروبي، ملتزمة بأن تكون أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قوية ومتطورة وقادرة على التصدي للتهديدات العالمية المستجدة. نتطلع إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون والازدهار المشترك والأمن المتبادل لمناطقنا وشعوبنا».
وارتبطت القائمة الرمادية للاتحاد الأوروبي تاريخيًا بقائمة «مجموعة العمل المالي» (FATF)، وهي الهيئة الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وكانت FATF قد شطبت الإمارات وجبل طارق من قائمتها في عام 2024، بعد قيام الدولتين بإصلاحات واسعة في أنظمتها المالية والقانونية.
وتسببت القائمة الرمادية لسنوات في إلحاق أضرار بسمعة الدول المدرجة فيها، فضلًا عن زيادة تكلفة المعاملات المالية المرتبطة بها، إذ تلزم المؤسسات المالية بإجراء تدقيق إضافي عند التعامل مع أفراد أو شركات من تلك الدول.
في المقابل، كان حذف جبل طارق تحديدًا مثار جدل كبير بين النواب الإسبان داخل البرلمان الأوروبي، بسبب الخلاف المستمر مع بريطانيا حول السيادة على الإقليم، وهو ما أوقف عملية الحذف العام الماضي قبل أن تُحسم هذا العام بعد تسوية سياسية معقّدة.
إلى جانب الإمارات وجبل طارق، قرر البرلمان حذف ست دول أخرى من القائمة الرمادية، هي: باربادوس، جامايكا، بنما، الفلبين، السنغال، وأوغندا، في خطوة تعكس ما وصفه مسؤولون أوروبيون بتقييم أكثر دقة لقدرات تلك الدول على مكافحة غسل الأموال.
في المقابل، أضاف البرلمان الأوروبي دولًا جديدة إلى القائمة الرمادية بسبب مخاوف مستجدة تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بينها الجزائر، أنغولا، ساحل العاج، كينيا، لاوس، لبنان، موناكو، ناميبيا، نيبال، وفنزويلا.
ورغم أن غالبية الكتل البرلمانية أيدت إدراج روسيا في القائمة الرمادية خلال المناقشات الأخيرة، إلا أن تعهّدًا من المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في هذا القرار بحلول نهاية العام حال دون اتخاذ إجراء فوري.
وبذلك تواصل قائمة الاتحاد الأوروبي الرمادية لعب دور سياسي واقتصادي حساس، في وقت تتزايد فيه ضغوط دولية لرفع معايير الشفافية المالية ومحاربة تمويل الإرهاب حول العالم.