صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته ضد دول مجموعة «البريكس» بإعلانه مساء الأحد عن عزمه فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على واردات أي دولة «تتماشى مع سياسات مجموعة البريكس المناهضة لأميركا»، مؤكداً أنه لن تكون هناك أي استثناءات لهذه السياسة الجديدة في حال قرر المضي قدمًا بها.
وقال ترامب لدى عودته إلى البيت الأبيض من نيوجيرسي: «حان الوقت كي تفهم الدول التي تنحاز إلى معسكر البريكس أن السياسات المعادية للولايات المتحدة لها ثمن. كل وارداتهم ستكون خاضعة لتعريفة إضافية بنسبة 10% ما لم يختاروا التعاون التجاري العادل معنا.»
تحذير في توقيت حساس
يأتي تهديد ترامب في وقت عقدت فيه مجموعة البريكس، التي توسعت لتضم 11 دولة، أول قمة لها منذ عام 2009 في البرازيل يوم الأحد.
وعلى الرغم من غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عن القمة شخصياً، فقد أصدرت الكتلة بيانًا شديد اللهجة أعربت فيه عن «قلق بالغ إزاء تصاعد التدابير الجمركية وغير الجمركية الأحادية التي تشوه التجارة»، معتبرة أن تلك الإجراءات «تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية».
وتضم المجموعة الآن إلى جانب الدول المؤسسة (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) كلاً من المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران.
وتشير بيانات «DW» إلى أن هذه الدول مجتمعة تمثل أكثر من ثلث النمو الاقتصادي العالمي عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية، ما يبرز ثقلها الاقتصادي المتنامي.
رسائل متبادلة بين واشنطن والبريكس
البيان الختامي لقمة البريكس لم يذكر ترامب بالاسم، لكنه انتقد السياسات الأميركية بشدة، لا سيما ما وصفه بـ«الإجراءات الحمائية» والتصعيد العسكري الأخير ضد إيران، في إشارة إلى الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على مواقع نووية إيرانية دعماً لإسرائيل بعد انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً بين تل أبيب وطهران بشكل مفاجئ.
وكان وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قد صرح الأحد بأن الدول التي لا تبرم اتفاقيات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة بحلول الأول من أغسطس المقبل «يمكنها أن تتوقع عودة معدلات التعريفات الجمركية إلى المستويات التي أعلن عنها ترامب في أبريل الماضي»، ما اعتبره بن بيركويتز من موقع «أكسيوس» بمثابة «موعد نهائي جديد» للدول الكبرى لتجنب عقوبات تجارية واسعة النطاق.
الاقتصاد العالمي أمام اختبار جديد
خبراء اقتصاديون حذّروا من أن تهديد ترامب الجديد قد يُشعل توترات تجارية واسعة، ويزيد من تقلب الأسواق العالمية في وقت يسعى فيه الاقتصاد الدولي للتعافي من تداعيات الحروب الأخيرة وارتفاع أسعار الطاقة.
وقال الخبير الاقتصادي الأميركي ريتشارد باومان: «فرض رسوم بنسبة 10% على واردات البريكس قد يرفع تكاليف السلع الأساسية في الولايات المتحدة، ويقوّض سلاسل التوريد التي تعتمد عليها الصناعات الأميركية بشدة.»
من جانبه، وصف الاقتصادي الصيني ليو مينغ تهديدات ترامب بأنها «خطوة انعزالية قد تعزز اصطفاف الدول النامية خلف البريكس، وتُضعف مكانة واشنطن كقطب اقتصادي عالمي مهيمن.»
ضغط على شركاء واشنطن
ويرى مراقبون أن تهديد ترامب موجّه بالدرجة الأولى إلى دول الخليج، مثل السعودية والإمارات ومصر، التي أصبحت أعضاء في البريكس، وهي دول تحتفظ بعلاقات استراتيجية وتجارية قوية مع الولايات المتحدة.
وقال مصدر دبلوماسي أميركي مطلع لـ«بلومبيرغ»: «الرئيس ترامب يلوح بالعصا لإجبار هذه الدول على الاختيار بين السوق الأميركية وتحالف البريكس. لكن تطبيق مثل هذه الرسوم قد ينعكس سلباً على الاقتصاد الأميركي أيضاً.»
حتى اللحظة، لم يعلن البيت الأبيض جدولاً زمنياً لتطبيق التهديدات، وسط تكهنات بأن التصعيد قد يتحول إلى ورقة ضغط خلال المفاوضات التجارية الجارية مع عدد من دول البريكس، لا سيما السعودية والهند والصين.
بينما تستعد الأسواق المالية لأسبوع جديد من الترقب، يظل السؤال الأبرز: هل سيقدم ترامب على خطوة فرض الرسوم بالفعل، أم أنها مجرد مناورة سياسية للضغط على خصومه ومنافسيه التجاريين في عالم تتزايد فيه الاستقطابات الاقتصادية؟.