العراقيون «يفقدون الثقة» في الانتخابات وسط مقاطعة سياسية واتهامات بشراء الأصوات

by hayatnews
0 comment

قبل أربعة أشهر فقط من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يخيّم جو من الشك واليأس على الساحة السياسية العراقية، مع تزايد المقاطعات السياسية ومزاعم خطيرة حول شراء الأصوات واستغلال موارد الدولة، ما يهدد نزاهة سادس انتخابات منذ الغزو الأميركي عام 2003.

ففي تطور لافت، أعلن ائتلاف النصر، بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، هذا الأسبوع أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة. وبرر الائتلاف قراره بما وصفه بـ «غياب الضمانات القانونية لمنع التلاعب وشراء الأصوات، واستغلال موارد الدولة والأموال الأجنبية في العملية الانتخابية»، محذراً من أن الانتخابات قد تتحوّل إلى مجرد أداة لإعادة إنتاج القوى المهيمنة.

وقال بيان الائتلاف: «نرفض المشاركة في انتخابات تعتمد على المال السياسي وتفتقر إلى التطبيق الصارم للقوانين. هناك حاجة ملحّة لإصلاح العملية الانتخابية باعتبارها ركيزة الديمقراطية».

ورغم إعلان الانسحاب، أكد العبادي أن ائتلافه سيبقى ضمن تحالف «قوى الدولة الوطنية» الذي يقوده رجل الدين الشيعي عمار الحكيم، وسيواصل دعمه «لمن يراهم كفؤين» داخل التحالف.

مقاطعة تتوسع

انسحاب ائتلاف العبادي يضاف إلى سلسلة من الانسحابات شملت شخصيات مستقلة وحركات إصلاحية صغيرة، جميعها عبّرت عن مخاوف مشابهة بشأن غياب الشفافية والتهديدات بالعنف وتراجع فرص التنافس الانتخابي.

ويعكس هذا المسار موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي أعلن انسحابه الكامل من العملية السياسية بعد فشل محاولته تشكيل حكومة أغلبية عقب انتخابات 2021، والتي فاز فيها بـ73 مقعداً من أصل 329 في البرلمان. وأعاد الصدر تأكيد موقفه يوم الجمعة في رسالة خطية نشرها على منصة «X» حملت وسم «#مقاطعون»، قائلاً إن الإصلاح الحقيقي يتطلب «وضع السلاح كله بيد الدولة، وتفكيك الميليشيات، وتعزيز الجيش العراقي وتحقيق الاستقلال الكامل».

وصف دبلوماسي غربي في بغداد انسحاب القوى المعتدلة بـ«المقلق»، محذراً من أن تراجع المشاركة الشعبية قد يقوّض العملية الديمقراطية في العراق. وقال: «ضعف الإقبال على التصويت لا يبشّر بخير لبلد يسعى لترسيخ نظام ديمقراطي مستقر».

شراء الأصوات وبيع البطاقات

وسط أجواء الإحباط، ظهرت مؤشرات مقلقة على انتشار عمليات شراء الأصوات، لا سيما في الأحياء الفقيرة. فقد تم تداول مقاطع فيديو ورسائل على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن تقديم أموال أو خدمات مقابل بطاقات الناخب البيومترية، التي يفترض أن تكون وسيلة رئيسية لمنع التزوير.

في إحدى الرسائل الصوتية، وعدت امرأة بإجراء عمليات تجميل بسيطة مجاناً لمن يبرز بطاقته الانتخابية، بينما هددت إحدى شركات التوصيل موظفيها بالفصل ما لم يجلبوا بطاقاتهم وبطاقات أقاربهم. كما ظهر مقطع فيديو من محافظة صلاح الدين يظهر مساعداً سياسياً يطالب أي شخص يرغب في الحصول على وظيفة أو خدمة بتسليم بطاقته الانتخابية.

من جانبها، أعربت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن «قلق بالغ» إزاء هذه الظواهر، مؤكدة أنها بصدد اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد من يثبت تورطه في شراء أو بيع بطاقات الناخبين. وقالت المفوضية: «بيع أو شراء بطاقات الناخبين البيومترية أو محاولة القيام بذلك واستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية تعد جرائم انتخابية يعاقب عليها القانون».

تراجع الأمل

ورغم اعتماد تقنيات حديثة مثل بطاقات الهوية البيومترية ونقل النتائج عبر الأقمار الصناعية، سجلت انتخابات 2021 أدنى نسبة مشاركة منذ 2003 عند 41%. أعقب ذلك أشهر من الجمود السياسي إلى أن تمكن الإطار التنسيقي، الذي يضم قوى مقربة من إيران، من تشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني.

في المقابل، يشعر كثير من العراقيين بخيبة أمل أعمق، إذ يقول مصطفى مجيد، 42 عاماً، وأحد المشاركين في احتجاجات 2019 بمدينة الناصرية: «لقد فقد الناس ثقتهم. لا يرون في الانتخابات وسيلة لتحسين حياتهم، بل آلية لإبقاء نفس الهيكل الفاسد في الحكم».

مع استمرار هذه التحديات، يبقى مستقبل الانتخابات العراقية في نوفمبر محفوفاً بالشكوك حول قدرتها على إحداث تغيير حقيقي في بلد أنهكته الأزمات السياسية والاقتصادية منذ أكثر من عقدين.

You may also like

Leave a Comment