أعلنت شركتا أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية، من أكبر شركات النفط في الشرق الأوسط، عن إلغاء وتأجيل عدد من صفقاتهما الكبرى للاستحواذ، التي تجاوزت قيمتها 60 مليار دولار، وسط توقعات بانخفاض مستدام في أسعار النفط وتأثير ذلك على إيراداتهما وأنشطتهما العالمية.
كانت أرامكو وأدنوك من أكثر الشركات نشاطًا في مجال الاندماج والاستحواذ خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث سعيا إلى التوسع في مجالات الغاز والكيماويات وزيوت التشحيم. وشملت صفقات أرامكو شراء حصص في شركات مثل “رونغشينغ” الصينية للبتروكيماويات، و”ميدأوشن” للغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى استثمارات في شركات أمريكية معنية بتقنيات المحركات.
أما أدنوك فقد أعلنت عن صفقات ضخمة تتجاوز 52 مليار دولار، منها استحواذ على شركة “سانتوس” الأسترالية للنفط والغاز، وصفقة مع شركة “كوفيسترو” الألمانية للكيماويات بقيمة 15.5 مليار دولار، بالإضافة إلى تأسيس شركة كيماويات جديدة باسم “بروج جروب إنترناشونال” باستثمار يبلغ 60 مليار دولار، تمتلك أدنوك منها 47%.
ومع تراجع أسعار النفط الخام المرجعي من أكثر من 80 دولارًا في يناير إلى نحو 67 دولارًا للبرميل في الوقت الحالي، بدأت الشركات الكبرى في الخليج تعيد تقييم إنفاقها وأنشطتها الاستثمارية. وأكدت مصادر مصرفية مطلعة أن الحكومة المالكة لكلا الشركتين وجهت التعليمات إلى أرامكو وأدنوك بالتركيز على توزيعات الأرباح بدلاً من النمو السريع.
وقال مسؤول تنفيذي في مجال الطاقة إن “في ظل بيئة عدم اليقين الحالية، يجب أن تكون الشركات أكثر انتقائية في صفقاتها”. وأضاف أن أرامكو تتأثر بنحو 900 مليون دولار في صافي دخلها مقابل كل دولار يتغير في سعر النفط.
هذا التباطؤ في أنشطة الاستحواذ من أكبر شركتين في الخليج له تأثير واضح على مشهد الصفقات العالمية في قطاع الطاقة، حيث تشكل أرامكو وأدنوك من اللاعبين الرئيسيين في السوق.
وردًا على تأثير تراجع الأسعار، قال أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لأرامكو، إن الشركة تسعى دائمًا لتحسين كفاءة الإنفاق، لكن لديها القوة المالية التي تمكنها من الاستثمار خلال فترات التقلبات الاقتصادية.
في المقابل، تواجه أدنوك تحديات في دمج الصفقات المعلنة خلال الفترة الماضية، مع تضاؤل فرص إتمام صفقات جديدة في ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها سوق النفط.
ويشير خبراء إلى أن تحرك أرامكو وأدنوك يعكس استراتيجية حذرة تشبه إلى حد بعيد موجة الاستحواذات التي شهدتها الشركات الصينية المملوكة للدولة بين عامي 2009 و2013، حيث توقفت أيضًا لفترة لإعادة تقييم الاستثمارات.
مع استمرار المخاوف من فائض المعروض العالمي وتأثيره على الأسعار، يبدو أن عمالقة النفط الخليجية يختارون مسار الحذر، مع التركيز على الاستقرار المالي والمحافظة على العوائد، بعيدًا عن المخاطرة بتوسعات مكلفة في الوقت الراهن.