زعيم المحافظين الألمان يدعو إلى ردع نووي أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة

by hayatnews
0 comment

قال ينس سباهن، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (المحافظين) الحاكم في ألمانيا، إن بلاده وأوروبا بحاجة إلى بناء مظلة نووية مستقلة خاصة بها، بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة، محذرًا من أن عدم امتلاك الردع النووي يجعل الدول “مجرد بيادق” على المسرح العالمي.

وفي مقابلة مع صحيفة “فيلت” الألمانية، أشار سباهن إلى أن أوروبا يجب أن تتحول إلى قوة رادعة نووية، وأن ألمانيا عليها أن تلعب دورًا قياديًا في هذا المسعى. وقال: “يجب أن نناقش مسألة مظلة نووية أوروبية مستقلة، ولن ينجح ذلك إلا بقيادة ألمانية. إذا لم تتمكن من توفير رادع نووي، فستصبح مجرد أداة في السياسة العالمية.”

وأضاف أن الأسلحة النووية الأمريكية المنتشرة في ألمانيا تمثل جزءًا من هذا الردع، لكنها ليست كافية على المدى الطويل. وأكد أن على ألمانيا وأوروبا النظر في مشاركة نووية أوسع تشمل الترسانات النووية الفرنسية والبريطانية وربما دول أوروبية أخرى، مع الاعتراف بأن هذا المسعى سيكون مكلفًا.

تأتي تصريحات سباهن في ظل مناقشات متزايدة داخل ألمانيا وأوروبا حول دور الردع النووي الأوروبي في ضوء التغيرات الجيوسياسية، خاصة مع استمرار الصراعات الدولية وتأزم العلاقات مع روسيا والصين.

موقف المستشار ميرز وحلف شمال الأطلسي

يأتي موقف سباهن رغم إعلان المستشار الألماني المحافظ فريدريش ميرز، في وقت سابق من هذا العام، عن ثقته في متانة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودور الولايات المتحدة في الدفاع عن أوروبا. ومع ذلك، يعكس سباهن توجهًا ضمن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لدراسة بدائل طارئة لحماية ألمانيا وأوروبا بشكل مستقل.

وكان ميرز قد طرح فكرة الردع النووي الأوروبي في فبراير الماضي، حينما أكد ضرورة إجراء محادثات مع بريطانيا وفرنسا – القوتين النوويتين الأوروبيتين – بشأن إمكانية مشاركة ألمانيا في مظلة نووية أوروبية، أو على الأقل في الأمن النووي المشترك.

وفي تصريحات جديدة، اقترح سباهن فكرة “توزيع المسؤولية بالتناوب” بين الدول الأعضاء الأوروبية بشأن الردع النووي، وهو اقتراح يشير إلى احتمالية مشاركة دول أوروبية في حمل أعباء الردع بالتناوب أو بطريقة منظمة.

انتقادات واسعة من الخبراء والسياسيين

تعرض اقتراح سباهن لانتقادات لاذعة من قبل خبراء وشخصيات سياسية، خاصةً في ظل غياب ألمانيا عن امتلاك أي أسلحة نووية، ورفض الرأي العام والسياسي المحلي لأي خطوات نحو تطوير أسلحة نووية خاصة بالبلاد.

قالت ستيفاني بابست، نائبة الأمين العام المساعد السابقة لحلف شمال الأطلسي، في مقابلة مع الإذاعة العامة الألمانية: “هذا الاقتراح يتجاهل الواقع. فرنسا وبريطانيا بالتأكيد لن تنتظرا ألمانيا لتسمح أخيرًا باستخدام أسلحتهما النووية”. وأضافت أن مثل هذا المقترح لا يضع ألمانيا في موقع قيادة ملف الردع النووي الأوروبي.

كما أشار محللون إلى أن مسألة الردع النووي الأوروبي مرتبطة بتحولات أعمق في السياسة الأمنية الأوروبية، إذ يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في توحيد مواقفه العسكرية والأمنية، وفي بناء قدرات دفاعية مستقلة دون الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة.

السياق الدولي والدور الألماني

تأتي هذه التصريحات في وقت يعيد فيه القادة الأوروبيون النظر في الاستراتيجيات الدفاعية بسبب التوترات المتزايدة في أوروبا الشرقية ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بالإضافة إلى أزمة أوكرانيا المستمرة والتنافس الاستراتيجي مع روسيا والصين.

ويُنظر إلى ألمانيا كأكبر اقتصاد في أوروبا ومركز سياسي رئيسي، لذا فإن خطواتها نحو تعزيز دورها في الأمن النووي الأوروبي تحمل دلالات مهمة، لكنها تواجه قيودًا سياسية وشعبية داخلية، حيث ترفض غالبية الأحزاب والشعب فكرة امتلاك أو المشاركة في أسلحة نووية.

في النهاية، يطرح ينس سباهن تحديًا مهمًا أمام السياسة الألمانية والأوروبية، بتأكيده على ضرورة وجود ردع نووي مستقل يخرج أوروبا من تبعيتها النووية للولايات المتحدة، ويمنحها قدرة أكبر على حماية مصالحها. لكن الطريق لتحقيق ذلك لا يزال مليئًا بالعقبات السياسية والتقنية، ويتطلب توافقًا أوروبيًا واسعًا، بالإضافة إلى تعامل دقيق مع القوى النووية الحالية في القارة.

You may also like

Leave a Comment