كيف تغيّرت حسابات ترمب تجاه الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

by hayatnews
0 comment

شهدت مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغيرًا لافتًا هذا الأسبوع إزاء الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران، مما يعكس توازناً دقيقًا بين طموحاته الدبلوماسية ومراعاة التيارات السياسية داخل معسكره الانتخابي.

فبعد أن أمضى الأيام الأولى من الأسبوع يعرب عن أمله في تجنب المواجهة العسكرية، تحوّل سريعًا إلى داعمٍ للعملية العسكرية، متبنياً خطابًا أكثر تشددًا تجاه طهران.

بحسب مسؤول رفيع في إدارة ترمب، فإن الرئيس كان يفضّل منح المزيد من الوقت للمفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكنه اضطر إلى “احتضان الواقع الجديد” بعد أن بدأت إسرائيل هجومها.

وأوضح هذا المسؤول، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية الموقف، أن “ترمب لم يكن يريد الهجوم الآن، لكنه يدرك أن إسرائيل دولة ذات سيادة، وسيدعمها لأنها حليف وثيق”.

موازنة بين التوجهات

تغيّر نبرة ترمب وإدارته خلال الساعات الأولى التي تلت الهجوم يعكس حالة من التردد في البيت الأبيض بين عدة أولويات: طمأنة إسرائيل، وإرضاء الجناح المتشدد في التحالف الجمهوري، وتهدئة قاعدته من أنصار “أميركا أولاً” الذين طالما حذروا من التورط في صراعات الشرق الأوسط.

ترمب، الذي لا يزال يطمح إلى إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات من أجل ما وصفه بـ”الصفقة الكبيرة”، حاول استخدام الهجوم كورقة ضغط على طهران.

وكتب على منصة “تروث سوشيال” قائلاً: “لا يزال هناك وقت لإنهاء هذه المجازر قبل أن تبدأ الضربة التالية، التي ستكون أشدّ وحشية. يجب على إيران أن تبرم صفقة قبل أن لا يبقى شيء”.

لكن هذه اللغة المتزنة تغيّرت سريعًا مع تصاعد التصعيد الإيراني، إذ أطلقت طهران عشرات الصواريخ باتجاه إسرائيل في ردٍ أولي، ما دفع الإدارة الأميركية إلى إعلان دعمها الكامل للدفاع الإسرائيلي، وهو ما اعتُبر تراجعًا عن الخطاب الحذر الذي اتبعه وزير الخارجية ماركو روبيو عقب الهجوم مباشرة، حين قال: “إسرائيل قامت بعمل أحادي الجانب ضد إيران، ولم نشارك فيه، وتركيزنا هو حماية قواتنا”.

تحول إلى دعم صريح

مع دخول يوم الجمعة، بدأ ترمب يتحدث بوضوح أكبر عن معرفته المسبقة بخطط إسرائيل، وأكد في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الهجوم كان “ناجحًا للغاية”.

وقد فسّر مراقبون هذا التصريح على أنه ضوء أخضر متأخر للهجوم، بعد أن كانت إدارة ترمب قد منحت ما يشبه “الضوء الأصفر” في البداية.

كيرت ميلز، المدير التنفيذي لمجلة The American Conservative، قال: “في البداية، كانت الرسالة أن الإدارة لم تمنح تفويضًا مباشرًا. لكن اليوم بات واضحًا أن الموقف أقرب إلى الموافقة الضمنية أو على الأقل التساهل مع العملية”.

رغم هذا الدعم الظاهر، شدد مسؤولون في إدارة ترمب على أن الولايات المتحدة لم تشارك في التخطيط للهجوم الإسرائيلي، وأنها “تعمّدت” عدم معرفة التفاصيل، تفاديًا للانخراط المباشر في النزاع، وهي خطوة تندرج ضمن رغبة ترمب في تجنب تكرار سيناريوهات التورط العسكري التي شهدتها الإدارات السابقة في العراق وأفغانستان.

خلافات داخلية داخل التيار الجمهوري

الهجوم الإسرائيلي على إيران كشف أيضًا عن انقسام حاد داخل التيار الترامبي. ففي حين يطالب الصقور بدعم إسرائيل بلا تحفظ، يرى تيار “أميركا أولاً” أن الصراع لا يصب في مصلحة الشعب الأميركي، بل يعيد الولايات المتحدة إلى أتون حروب الشرق الأوسط التي لطالما عارضوها.

وقال مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) طالبًا عدم الكشف عن اسمه: “الكثير من المؤيدين المتشددين لترمب ونائبه جي دي فانس يشعرون بالقلق من أن تؤدي هذه الأزمة إلى تورط أميركي مباشر. وإذا حدث ذلك، فسنشهد انقسامًا حادًا داخل حركة MAGA”.

وترمب نفسه ألمح خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، في وقت سابق من الأسبوع، إلى استيائه من تعثر المفاوضات مع طهران، قائلاً: “هم مفاوضون بارعون، لكنهم صعاب المراس. نحن نحاول التوصل إلى صفقة لتجنب الدمار، لكن قد لا تنجح الأمور”.

نظرة إلى المستقبل

التحوّل في موقف ترمب لا يعني بالضرورة نهاية المسار التفاوضي مع إيران، لكنه يعكس تغيّر الحسابات السياسية والعسكرية في لحظة حساسة. فالهجوم الإسرائيلي قد يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد، لكنه يوفر أيضًا فرصة لترمب لتقديم نفسه كرجل قادر على إدارة الأزمات الكبرى بحزم، دون التورط في حروب مفتوحة.

يبقى السؤال: هل سيتمكن ترمب من الحفاظ على هذا التوازن الهش بين الردع والدبلوماسية، أم أن الواقع على الأرض سيجرّه إلى مواقف أكثر تشددًا، تقوّض شعبيته داخل قاعدته السياسية؟

You may also like

Leave a Comment