في تحول لافت قد تكون له تداعيات على العلاقة المعقدة بين واشنطن وموسكو، عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استيائه من التصعيد الروسي في أوكرانيا، ملمحًا إلى إمكانية فرض عقوبات جديدة على الكرملين في محاولة لدفع الرئيس فلاديمير بوتين نحو طاولة المفاوضات. يأتي ذلك وسط توتر متزايد بين الطرفين بعد أشهر من الجهود المتعثرة للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب المستمرة.
وقال ترمب في تصريحات صحفية إنه يدرس “بكل جدية” إمكانية فرض عقوبات جديدة على روسيا، مشيرًا إلى أن بوتين “يقتل الكثير من الناس” ومعبّرًا عن استغرابه من سلوك الرئيس الروسي، الذي قال عنه: “لا أعرف ما خطبه، ما الذي جرى له؟”. وتزامنت هذه التصريحات مع هجمات جوية روسية هي الأوسع منذ بداية الحرب، استهدفت مناطق أوكرانية عدة بطائرات مسيرة وصواريخ، وهو ما فسره محللون كرسالة تحدٍّ واضحة لترمب.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الخيارات المطروحة للعقوبات لا تشمل القطاع المصرفي الروسي حاليًا، لكنها تتضمن إجراءات أخرى اقتصادية ودبلوماسية تهدف إلى زيادة الضغط على موسكو. كما يُجري البيت الأبيض نقاشات داخلية بشأن مقترح أوكراني لهدنة مؤقتة مدتها ثلاثون يومًا، رفضتها روسيا أكثر من مرة، فيما لم يتضح بعد إن كان ترمب سيتبنى هذا الاقتراح رسميًا.
وفي السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن ترمب ما زال يؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام عبر التفاوض، لكنه يحتفظ بكافة الخيارات مطروحة. وأضافت أن الرئيس يتصرف بمرونة استراتيجية في ضوء المتغيرات.
لكن هذا التوجه الجديد من ترمب يعكس تحوّلاً ملحوظًا في موقفه من بوتين، الذي كان يعوّل عليه لبناء علاقة شخصية قوية تعزز فرص إنهاء الحرب. فقد دخل ترمب البيت الأبيض واعدًا بوضع حد للصراع خلال الأيام الأولى من ولايته، لكنه بدأ الآن يشعر بالإرهاق من المفاوضات المستمرة دون نتائج ملموسة، بحسب ما أفادت مصادر مقربة من دوائر صنع القرار في واشنطن.
وفي تصريحات إضافية، أشار ترمب إلى أن بوتين كان دائم الانسجام معه سابقًا، لكنه الآن يتصرف بشكل لا يمكن تبريره، خاصة مع استمرار القصف المكثف على المدن الأوكرانية. هذا التغيير في لهجة ترمب دفع بعض الدبلوماسيين والمراقبين إلى التساؤل حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية تستعد لإعادة رسم استراتيجيتها تجاه روسيا.
من جانبه، قال ويليام تايلور، السفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا، إن ترمب يبدو وكأنه بدأ يدرك طبيعة بوتين الحقيقية، لكنه تساءل عما إذا كانت هذه القناعة ستترجم إلى خطوات عملية، كفرض العقوبات أو إعادة تقييم العلاقة بالكامل.
في هذه الأثناء، يشهد الكونغرس أيضًا تحركًا موازيًا، حيث تقدّم عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بمقترحات لتوسيع العقوبات على روسيا، وفرض تعريفات جمركية على الدول التي تواصل شراء النفط والغاز منها. وتهدف هذه المبادرات إلى دعم أوكرانيا وزيادة كلفة الحرب على موسكو.
من غير الواضح بعد ما إذا كانت تهديدات ترمب ستتحول إلى سياسة فعلية أم أنها محاولة جديدة للضغط على بوتين دون الإقدام على إجراءات عملية. لكن المؤكد أن العلاقة بين ترمب وبوتين تشهد مرحلة من الفتور المتصاعد، وقد تكون مقدمة لتغيير جذري في نهج واشنطن تجاه موسكو خلال الفترة المقبلة.