تواجه الجامعات البريطانية خططًا حكومية تقضي بفرض ضريبة بنسبة 6% على الإيرادات التي تحققها من الرسوم الدراسية التي يدفعها الطلاب الأجانب، في إطار جهود الحكومة للحد من الهجرة الصافية إلى المملكة المتحدة. تأتي هذه الخطط في وقت تتزايد فيه المخاوف داخل قطاع التعليم العالي، حيث يرى القادة الأكاديميون أن هذه الإجراءات قد تضر بقطاع التعليم، الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد البريطاني.
الخطط الحكومية
يأتي الاقتراح في خطة حكومية نشرت يوم الاثنين، والتي تشير إلى أن الطلاب الدوليين يسهمون بمبلغ 12 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 15.85 مليار دولار) في قطاع التعليم العالي في بريطانيا. وتستهدف الحكومة من هذه الضريبة أن تستثمر العائدات في تحسين التعليم العالي والتدريب المهني. مع ذلك، لا تزال التفاصيل الدقيقة للضريبة قيد الدراسة، لكن من المتوقع أن تبلغ نسبتها 6% على إيرادات الجامعات من الرسوم الدراسية للطلاب الأجانب.
كجزء من هذه الخطة، ستقوم الحكومة بتقليص مدة تأشيرات الخريجين إلى 18 شهرًا، بالإضافة إلى فرض شروط صارمة على الجامعات الراغبة في قبول الطلاب الدوليين. ويأتي هذا القرار وسط قلق حكومي متزايد بشأن “إساءة استخدام” تأشيرات الطلاب وارتفاع عدد الخريجين الذين يبقون في المملكة المتحدة بعد إنهاء دراستهم دون الانتقال إلى وظائف متخصصة.
مخاوف قادة الجامعات
تعكس خطط الحكومة الجديدة قلقًا متزايدًا في قطاع التعليم العالي، الذي يعتبر الطلاب الدوليين مصدرًا حيويًا للإيرادات. فقد حذر نيك هيلمان، مدير معهد سياسة التعليم العالي، من أن الضريبة المقترحة قد تُعتبر “ضريبة على قطاع التصدير الناجح” في المملكة المتحدة، مضيفًا أن هذا قد يؤدي إلى انخفاض أعداد الطلاب الدوليين الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من عائدات الجامعات.
وفي وقت سابق، حذر مكتب الطلاب، الجهة التنظيمية للتعليم العالي، من أن 43% من الجامعات في إنجلترا قد تواجه عجزًا ماليًا في العام الحالي بسبب انخفاض أعداد الطلاب والضغوط المالية الناتجة عن الرسوم الدراسية المجمدة التي يدفعها الطلاب المحليون.
التحديات الاقتصادية
في نفس السياق، حذرت فيفيان ستيرن، الرئيسة التنفيذية لجامعات المملكة المتحدة، من التأثير المحتمل لهذه السياسات على جاذبية بريطانيا كوجهة تعليمية. وقالت إن الجامعات في المملكة المتحدة تواجه تحديات كبيرة بعد سنوات من تجميد الرسوم الدراسية، وقلة التمويل للبحوث، وانخفاض عدد الطلاب الدوليين. وأضافت أن فرض ضريبة على الرسوم الدراسية للطلاب الأجانب قد يزيد من تعقيد الوضع الحالي.
من جهة أخرى، عبرت راين نيوتن سميث، الرئيسة التنفيذية لاتحاد الصناعات البريطانية، عن قلقها من التأثيرات غير المباشرة لهذه السياسات على الاقتصاد البريطاني، موضحة أن “زيادة التكاليف أو فرض قيود على الطلاب الأجانب قد يؤثر سلبًا على قدرة المملكة المتحدة على المنافسة في مجال التعليم العالي كصناعة تصدير، ويضر بإمكانية وصول الشباب إلى التعليم.”
الرد الحكومي
في الوقت نفسه، تؤكد الحكومة البريطانية على أن هذه الخطط جزء من تعهد رئيس الوزراء كير ستارمر بخفض الهجرة الصافية، التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وقالت الحكومة إن الهدف من هذه الإجراءات هو ضمان عدم استغلال نظام التأشيرات من قبل الطلاب أو الخريجين الذين لا يتجهون إلى وظائف متخصصة، إضافة إلى التأكيد على أن العائدات من الضريبة ستُستخدم لتحسين القطاع التعليمي في البلاد.
ومع ذلك، تواصل الجامعات والنقابات العمالية التأكيد على أن أي تقليص لفرص الطلاب الدوليين قد يضعف قدرة بريطانيا على جذب العقول المبدعة، وبالتالي يهدد اقتصادها على المدى الطويل.
خاتمة
تطرح الحكومة البريطانية حزمة من التعديلات التي قد تؤثر بشكل كبير على قطاع التعليم العالي في المملكة المتحدة. ومع تزايد المعارضة من الجامعات والمجموعات الاقتصادية، يبقى من غير الواضح كيف ستؤثر هذه السياسات على مكانة بريطانيا كوجهة رئيسية للطلاب الدوليين في المستقبل.