زيلينسكي يتوجه إلى تركيا لمحادثات محتملة مع بوتين: اختبار حاسم للدبلوماسية بعد ثلاث سنوات من الحرب

by hayatnews
0 comment

في تطور لافت قد يمهد الطريق نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيتوجه إلى تركيا هذا الأسبوع لعقد لقاء محتمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تأتي هذه الخطوة وسط جهود دبلوماسية متصاعدة لإحياء المفاوضات بين كييف وموسكو، بعد فترة طويلة من الجمود العسكري والسياسي.

لقاء منتظر منذ بداية الحرب
إذا تم عقد اللقاء، فسيكون الأول من نوعه بين زعيمي البلدين منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022. أهمية الاجتماع لا تقتصر فقط على رمزيته السياسية، بل تتعداه إلى كونه اختباراً فعلياً لإمكانية استئناف الحوار المباشر، بعد أن تراجعت فرص الحل السلمي بشكل كبير في الأشهر الماضية.

في منشور عبر منصة “X” (تويتر سابقاً)، أكد زيلينسكي عزمه لقاء بوتين قائلاً: “سأنتظر بوتين في تركيا يوم الخميس. شخصياً، آمل ألا يبحث الروس هذه المرة عن أعذار.” تصريح حمل في طياته إصراراً على المضي في خيار الدبلوماسية، لكنه عكس أيضاً شكوكاً في نوايا الطرف الآخر.

ضغوط أمريكية من أجل وقف إطلاق النار
التحرك الأوكراني نحو المحادثات يتزامن مع ضغوط دولية متزايدة، لا سيما من الولايات المتحدة. ففي الأسبوع الماضي، دعا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى وقف إطلاق نار “غير مشروط” لمدة 30 يوماً بين روسيا وأوكرانيا، مهدداً بفرض عقوبات إضافية في حال عدم الالتزام.

وبحسب مصادر دبلوماسية، أجرى ترامب يوم السبت مكالمة هاتفية مع زيلينسكي وزعماء عدة من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكد خلالها على ضرورة قبول الهدنة كخطوة أولى نحو مفاوضات مباشرة. خلال المكالمة التي استمرت 15 دقيقة، أبدى زيلينسكي وحلفاؤه استعدادهم لوقف إطلاق النار اعتباراً من يوم الاثنين، في مبادرة تهدف لفتح نافذة للحوار مع موسكو.

موقف موسكو: رفض للهدنة وفتح باب التفاوض
في مساء اليوم نفسه، جاء الرد الروسي. فرغم رفضه لفكرة وقف إطلاق النار وفق الشروط المطروحة، أعرب الرئيس بوتين عن استعداده لبدء محادثات مباشرة مع أوكرانيا يوم الخميس في إسطنبول. خطوة فُسّرت على أنها مناورة دبلوماسية لكسب الوقت، لكنها في الوقت ذاته تعكس اعترافاً روسياً بالحاجة إلى استئناف الحوار، ولو من باب المصلحة الذاتية.

بوتين، الذي كان منهمكاً في احتفالات الذكرى السنوية لانتصار بلاده في الحرب العالمية الثانية، بدا حريصاً على الظهور بموقف الرجل المنفتح على التفاوض، من دون تقديم تنازلات فورية في الملف الأوكراني.

ترامب يضغط مجدداً: اختبار للنوايا
عشية الإعلان عن زيارة زيلينسكي إلى تركيا، عاد ترامب إلى منصة Truth Social داعياً الرئيس الأوكراني لقبول شروط التهدئة. كتب قائلاً: “إذا شاركت أوكرانيا في هذه المحادثات، فستتمكن من تحديد ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق أم لا. وإن لم يحدث ذلك، فسنعرف جميعاً أين تقف الأمور ونتصرف بناء على ذلك.”

ترامب لم يخفِ تشكيكه في نوايا الكرملين، ملمحاً إلى انشغال بوتين باستعراض القوة أكثر من اهتمامه بالتوصل إلى حل سياسي. لكنه في الوقت ذاته دعا إلى عدم تفويت فرصة اللقاء، ولو لمجرد اختبار جدية الجانب الروسي.

زيلينسكي: المضي في المسار الدبلوماسي رغم العراقيل
رغم الغموض الذي يحيط بموقف موسكو من وقف إطلاق النار، أكد مسؤول أوكراني رفيع أن زيلينسكي سيمضي قدماً في زيارته إلى تركيا، حتى لو لم توافق روسيا على بدء الهدنة يوم الاثنين. القرار الأوكراني يعكس رغبة كييف في إثبات التزامها بالحلول السلمية، ووضع الكرة في ملعب الكرملين أمام المجتمع الدولي.

زيارة زيلينسكي إلى تركيا تمثل أيضاً رسالة دعم لجهود الوساطة التي تقودها أنقرة منذ اندلاع الحرب، حيث لعبت تركيا دوراً محورياً في التفاوض على صفقات تبادل الأسرى واتفاقات تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

ماذا بعد؟
الأنظار تتجه إلى إسطنبول يوم الخميس، حيث قد يشهد العالم أول لقاء مباشر بين زيلينسكي وبوتين منذ اندلاع الحرب. ورغم أن فرص التوصل إلى اتفاق فوري تبدو ضئيلة، فإن مجرد انعقاد اللقاء سيكون بحد ذاته تقدماً دبلوماسياً مهماً في مسار بالغ التعقيد.

في المقابل، تبقى احتمالات التصعيد قائمة، خصوصاً إذا ما فشلت المحادثات في تحقيق اختراق ملموس. وهنا سيجد الغرب نفسه مضطراً لاتخاذ مواقف أكثر وضوحاً، سواء عبر تشديد العقوبات أو تقديم مزيد من الدعم العسكري لكييف.

وبين ضغوط أمريكية وأوروبية، ومناورات روسية، وسعي أوكراني لتأكيد الجدية في المسار السلمي، تبدو زيارة زيلينسكي إلى تركيا نقطة فاصلة في مسار الحرب. فإما أن تفتح باباً لمفاوضات حقيقية تضع حداً للنزاع، أو تكون مجرد محطة جديدة في مسار طويل من المراوغات والتصعيد.

You may also like

Leave a Comment