قال أشخاص مطلعون إن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث وجّه بتثبيت تطبيق المراسلة “سيغنال”، المتاح تجاريًا، على جهاز كمبيوتر مكتبي في مكتبه بالبنتاغون، وهو ما يُظهر مدى اعتماده على منصة اتصالات غير مصنفة في قلب مشاكله السياسية، في تداخل مع الأنظمة شديدة الأمان التي تعتمد عليها الحكومة الأمريكية لحماية الخطط العسكرية والمعلومات الحساسة الأخرى.
وبحسب هؤلاء الأشخاص الذين تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة قضية تلاحق إدارة ترامب منذ أسابيع، فإن هيغسث قام فعليًا بـ”استنساخ” تطبيق “سيغنال” من هاتفه المحمول الشخصي.
وجاءت هذه الخطوة بعد نقاش بين هيغسث ومساعديه حول كيفية تجاوز انعدام تغطية شبكة الهاتف المحمول في معظم مناطق البنتاغون، بهدف تسهيل التنسيق مع البيت الأبيض وكبار مسؤولي إدارة ترامب باستخدام التطبيق المشفر.
وأصبح استخدام هيغسث لتطبيق “سيغنال” أزمة متفاقمة في البنتاغون بعد الكشف عن أنه استخدمه الشهر الماضي لمشاركة تفاصيل حساسة حول عملية عسكرية مرتقبة في اليمن. وتمت مشاركة هذه التفاصيل في مجموعة “سيغنال” أنشأها مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مايكل والتز، وأيضًا في مجموعة أصغر أنشأها هيغسث لنفسه، وزوجته، وشقيقه، ومحاميه الشخصي، وعدد من مساعديه.
وقرار هيغسث مطلع هذا العام بتثبيت “سيغنال” على كمبيوتر مكتبي في البنتاغون، كان بمثابة حل بديل سمح له باستخدام التطبيق في منطقة مصنفة، حيث لا يُسمح باستخدام الهاتف المحمول والأجهزة الإلكترونية الشخصية الأخرى، ومكّنه من التواصل بسهولة مع أي طرف خارج المقر العسكري الضخم، سواء كانوا مسؤولين حكوميين أو أفراد عائلته.
وأضاف الأشخاص المطلعون أن مساعدين آخرين، من بينهم جو كاسبر، رئيس موظفي هيغسث في ذلك الوقت، أبدوا أيضًا اهتمامًا باستخدام “سيغنال” على أجهزة كمبيوتر البنتاغون، لكن من غير الواضح مدى انتشار استخدام التطبيق في البنتاغون، كما أنه ليس من المؤكد ما إذا كان هيغسث وفريقه من المستشارين السياسيين قد التزموا بالقانون الأمريكي الذي يلزمهم بحفظ مثل هذه الرسائل.
وقال شون بارنيل، المتحدث باسم هيغسث، في بيان إن استخدام وزير الدفاع للأنظمة وقنوات الاتصالات مصنف، لكنه أكد أن هيغسث “لم يستخدم قط ولا يستخدم حاليًا تطبيق سيغنال على جهاز الكمبيوتر الحكومي”.
فيما قال شخصان مطلعان على عادات هيغسث في العمل، إنه كان لديه نسخة من “سيغنال” على جهاز كمبيوتر ثانٍ في مكتبه. كما أبدى اهتمامًا بتثبيت برنامج لإرسال الرسائل النصية التقليدية من مكتبه.
وقد أُجيز استخدام تطبيق “سيغنال” بشكل محدود داخل الحكومة الأمريكية من قبل إدارة بايدن في عام 2023، لكن لا يُفترض مشاركة معلومات مصنفة أو مواد شديدة الحساسية من خلاله.
ودافعت إدارة ترامب عن استخدامها لتطبيق “سيغنال” في الأعمال الرسمية، وقال بعض القادة إن التطبيق بات شائعًا داخل الحكومة.
ففي الشهر الماضي، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف للمشرعين خلال جلسة استماع بلجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ إن التطبيق مثبت على بعض أجهزة كمبيوتر الوكالة.
ومع ذلك، يظل استخدام التطبيق أقل شيوعًا في البنتاغون، حيث قال المطلعون إن قلة قليلة كانت على علم بأن هيغسث ثبت التطبيق على جهاز كمبيوتر في مكتبه.
واندلع ما أصبح يُعرف بـ”سيغنال غيت” الشهر الماضي، عندما كشفت مجلة “ذي أتلانتك” أن والتز أضاف عن طريق الخطأ رئيس تحرير المجلة إلى مجموعة “سيغنال” المخصصة لتنسيق الهجوم على الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن. وضمت المحادثة نحو 20 مسؤولًا رفيعًا في الإدارة، من بينهم والتز، وهيغسث، وراتكليف، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو.
وقد ناقش هؤلاء المسؤولون سياسة الإدارة، وبعد الحصول على موافقة ترامب لتنفيذ العملية، كشف هيغسث عن توقيت الضربات الجوية، وأنواع الطائرات والأسلحة المستخدمة، والأهم من ذلك، الأوقات المحددة التي سيكون فيها أفراد الجيش الأمريكي في خطر مباشر.
قال مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع إن هذه المعلومات ستكون على الأرجح مصنفة، مما يقوض مزاعم هيغسث بعكس ذلك، في ظل حملة متزايدة من المواجهة يديرها للدفاع عن نفسه وسط تصاعد التدقيق عليه، وسعيه للبقاء ضمن دائرة ثقة ترامب.
في أعقاب ذلك، طالب السيناتور الجمهوري روجر ويكر (من ولاية ميسيسيبي)، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، والسيناتور الديمقراطي جاك ريد (من رود آيلاند)، بإجراء مراجعة من قبل المفتش العام لوزارة الدفاع بشأن استخدام هيغسث لتطبيق “سيغنال”.
ووافق مكتب المفتش العام هذا الشهر على النظر في القضية.