قالت صحيفة فاننشال تايمز إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألقى باللوم على أوكرانيا في اندلاع الحرب مع روسيا، مشيرًا إلى ضرورة أن تجري كييف انتخابات، وذلك بعد ساعات فقط من عقد الولايات المتحدة وروسيا محادثات رفيعة المستوى في الرياض.
وبحسب الصحيفة فقد وافقت روسيا والولايات المتحدة يوم الثلاثاء على “وضع الأسس للتعاون المستقبلي” لإنهاء الحرب، والعمل على تطبيع سريع للعلاقات بينهما، وذلك خلال أول محادثات بينهما منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.
وجاءت هذه التطورات بعد أن اتصل ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي في محاولة لإنهاء الحرب، دون إبلاغ أوكرانيا أو حلفائها الأوروبيين، في خطوة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية تجاه روسيا.
في حديثه للصحفيين في منتجع مار-إيه-لاجو في فلوريدا، زعم ترامب – على نحو غير صحيح – أن كييف كانت هي من بدأ النزاع، مضيفًا أنه “يشعر بخيبة أمل كبيرة” لأن أوكرانيا مستاءة من عدم حصولها على مقعد في المحادثات.
وقال ترامب: “اليوم سمعت: ‘أوه، لم نكن مدعوين.’ حسنًا، أنتم هناك منذ ثلاث سنوات… لم يكن عليكم أن تبدأوا هذه الحرب أبدًا، كان بإمكانكم التوصل إلى اتفاق، في إشارة إلى أوكرانيا.
لكن الحقائق تشير إلى أن الحرب بدأت عندما أمر بوتين قواته بغزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022. ومع ذلك، فإن العدوان العسكري الروسي بدأ بالفعل في 2014، عندما قامت موسكو بضم شبه جزيرة القرم ودعمت التمرد المسلح في إقليم دونباس تحت غطاء انتفاضة انفصالية.
في المقابل قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه لم يتم إبلاغه مسبقًا عن المحادثات التي جرت في الرياض، مؤكدًا أن أوكرانيا سترفض أي تسوية لا تكون طرفًا مباشرًا فيها.
في هذا السياق، قال دبلوماسي أوروبي، معبرًا عن صدمته من تغيير موقف واشنطن: “نحن في الشهر الأول فقط من ولاية ترامب الثانية… يجب أن نستيقظ.”
وفي مزيد من التعليقات الناقدة لزيلينسكي، قال ترامب: “مر وقت طويل منذ أن أجرت أوكرانيا انتخابات.”
وأضاف: “هذا ليس أمرًا متعلقًا بروسيا، بل هو مطلب مني ومن العديد من الدول الأخرى.”
لكن تصريحاته هذه تشبه بشدة الخطاب الروسي السابق، حيث لطالما شكك الكرملين في شرعية زيلينسكي.
ووفقًا لمصادر استخباراتية أوكرانية وغربية، كان أحد الأهداف الرئيسية لموسكو تغيير النظام في كييف.
وقد كشفت مصادر أوكرانية لـ فاينانشال تايمز أنه خلال الأيام الأولى للحرب، كانت روسيا تخطط لتنصيب فيكتور ميدفيدتشوك، رجل الأعمال الأوكراني الموالي لبوتين، كرئيس لأوكرانيا في حال نجاح الغزو.
وفي الوقت نفسه، طعن بوتين في شرعية زيلينسكي بعد انتهاء ولايته في مايو 2024، لكن كييف أكدت أنها لا تستطيع إجراء انتخابات رئاسية إلا بعد انتهاء القتال ورفع الأحكام العرفية.
قال ترامب يوم الثلاثاء إن شعبية زيلينسكي تبلغ 4% فقط، لكن معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع (KIIS) كشف في استطلاع رأي أجري في فبراير أن 57% من الأوكرانيين يثقون برئيسهم، مقارنة بـ 52% في ديسمبر الماضي.
وقال أنطون هروشفسكي، المدير التنفيذي للمعهد، إن نتائج الاستطلاع تظهر أن زيلينسكي “يحافظ على مستوى عالٍ من الثقة في المجتمع، ويظل رئيسًا شرعيًا.”
وصل كيث كيلوغ، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا، إلى كييف يوم الأربعاء، حيث قال لوسائل الإعلام الأوكرانية:
“نحن هنا للاستماع. نحن ندرك الحاجة إلى ضمانات أمنية. من الواضح لنا أهمية سيادة هذه الدولة… جزء من مهمتي هو الجلوس والاستماع.”
لكن هناك مخاوف متزايدة في كييف وأوروبا من أن ترامب يريد إنهاء الحرب وفق شروط بوتين.
ويبدو أن واشنطن قدمت بالفعل تنازلات كبيرة لموسكو، حيث تجاهلت مطالب أوكرانيا بالانضمام إلى الناتو واستعادة الأراضي المحتلة من قبل روسيا.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء إن المحادثات في الرياض أظهرت أن موسكو وواشنطن “تتحركان نحو تطبيع العلاقات في جميع المجالات”.
وأضاف لافروف أمام البرلمان الروسي: “لقد بدأنا في الابتعاد عن حافة الهاوية التي دفعتنا إليها إدارة بايدن، لكن هذه ليست سوى الخطوات الأولى.”