أجرت القوات الأميركية والسعودية خلال سبتمبر الجاري أكبر تمرين حي من نوعه في الشرق الأوسط، استمر عشرة أيام وركّز على مواجهة التهديدات المتزايدة الناجمة عن الطائرات المسيّرة التي تستخدمها إيران ووكلاؤها في المنطقة. التمرين حمل اسم «ريد ساندز» للتجارب المتكاملة وأقيم في ميدان «شمال-2» شمال شرق السعودية.
وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان لها على منصة «إكس» إن المناورات هدفت إلى تعزيز قدرات الطرفين في كشف وتعقب والقضاء على الطائرات المسيّرة. وشارك في التمرين أكثر من 300 فرد عسكري وفني، قاموا بنشر 20 نظامًا مضادًا للمسيّرات لاختبار فعاليتها ضمن سيناريوهات متعددة.
الأدميرال براد كوبر، قائد الأسطول الخامس الأميركي، شدّد على أهمية هذه الاختبارات قائلاً: «التهديدات الناجمة عن انتشار الطائرات المسيّرة المتقدمة تمثل تحديًا ملحًا. العمل جنبًا إلى جنب مع الشركاء الإقليميين للابتكار والتكيف أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى».
أنظمة جديدة وتجارب عملية
خلال التمرين، تم اختبار أنظمة دفاعية متعددة ضمن طبقات متكاملة:
ذخائر هزيمة الطائرات المسيّرة (DDRs)، وهي ذخيرة تُطلق من بندقية عيار 12 وتحتوي كل طلقة منها على 720 كرة من التنجستن ذات طاقة حركية عالية.
نظام متطور لمواجهة أسراب الطائرات المسيّرة، يدمج بين الرصد الإلكتروني والاعتراض بالنيران المباشرة.
كما شاركت طائرات متعددة في محاكاة الرد على التهديدات: الطائرة الأميركية AC-130 غوست رايدر، المروحية الهجومية AH-64 أباتشي، والمقاتلة السعودية تايفون. هذه الطائرات نفّذت عمليات كشف واعتراض ضد أهداف محاكاة في الأجواء.
حضور قيادي وتعاون وثيق
زار الأدميرال كوبر ميدان التمرين برفقة الفريق أول فياض بن حامد الرويلي، رئيس هيئة الأركان العامة السعودية. وأكّد كوبر أن التمرين «جمع بين القدرات الأميركية والسعودية والخبرات الصناعية لتحديد الأنظمة الأكثر فعالية لمواجهة تهديدات المسيّرات».
ويأتي هذا التمرين في ظل تصاعد التهديدات المرتبطة بالمسيّرات:
هجوم في الأردن يناير 2024 أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين وأصاب أكثر من 23 آخرين.
الحوثيون في اليمن أطلقوا منذ نوفمبر 2023 مئات الطائرات المسيّرة الانتحارية باتجاه السفن المدنية والعسكرية في البحر الأحمر.
كما تزايد الاعتماد على المسيّرات في الحروب الحديثة، وهو ما دفع الولايات المتحدة وحلفاءها لتسريع وتيرة التجارب والابتكارات الدفاعية منذ اندلاع الحرب الروسية–الأوكرانية عام 2022.
أهمية التمرين للمملكة والمنطقة
يشكّل تمرين «ريد ساندز» خطوة بارزة نحو دمج أنظمة دفاعية جديدة في شبكة الدفاع الجوي الإقليمي. بالنسبة للسعودية، فإن التعاون مع واشنطن يعزز قدرتها على حماية منشآتها الحيوية، خصوصًا في ظل التهديدات التي تستهدف قطاع الطاقة والموانئ البحرية. أما الولايات المتحدة، فترى في هذه التجارب وسيلة لتقوية شراكاتها الأمنية في الخليج وردع خصومها الإقليميين.
وبحسب مراقبين أظهر التمرين الأخير بين واشنطن والرياض أن التصدي لتهديدات الطائرات المسيّرة أصبح أولوية قصوى في الشرق الأوسط. ومع استمرار تطوير تقنيات الهجوم بالطائرات المسيّرة من قبل خصوم إقليميين، فإن التعاون الأميركي–السعودي يهدف إلى بناء درع دفاعي متعدد الطبقات يضمن حماية الأجواء والمنشآت الحيوية ويعزز الاستقرار في منطقة شديدة الاضطراب.