نتائج الانتخابات السورية: قبضة أحمد الشرع تترسخ على السلطة بعد عام من سقوط الأسد

by hayatnews
0 comment

أعلنت لجنة الانتخابات السورية، التي شُكّلت بمرسوم من الرئيس أحمد الشرع، النتائج النهائية لأول انتخابات برلمانية تُجرى منذ الإطاحة بالنظام السابق أواخر العام الماضي، في خطوة يرى مراقبون أنها كرّست إحكام الشرع سيطرته على مفاصل الدولة وأكدت محدودية التمثيل السياسي والتنوع داخل البرلمان الجديد.

وتضم القائمة المعلنة 140 نائباً منتخباً من أصل 210 مقاعد في مجلس الشعب، بينما سيُعيّن الشرع الـ70 عضواً الباقين مباشرة خلال الأسبوع المقبل. وبحسب النتائج، لم تضم القوائم سوى ستة أعضاء من الأقليات الدينية، وست نساء فقط من بين النواب الجدد، في مشهد يعكس هيمنة المحافظين والوجهاء الدينيين والعشائريين.

وقال نوار نجمة، المتحدث باسم اللجنة، في مؤتمر صحفي بدمشق إن “تمثيل المرأة لم يرتقِ إلى مكانتها في المجتمع السوري”، مضيفاً أن تمثيل المسيحيين انخفض إلى نائبين فقط بسبب ما وصفه بـ“التكتيكات والتحالفات الانتخابية المحلية”.

وبحسب اللجنة، شارك نحو 6000 ناخب مختار مسبقاً في العملية، ترشح منهم 1578 شخصاً، دون وجود أحزاب أو برامج انتخابية واضحة. ورغم تصريحات رسمية تحدثت عن “فرز علني بحضور سفراء أجانب”، فإن العملية وُصفت من قبل مراقبين بأنها “انتخابات شكلية” هدفها إضفاء شرعية على النظام الجديد دون منافسة حقيقية.

فوز للتيار الديني والعشائري

يرى السياسي المخضرم محمد زعيتر، وهو من الطائفة العلوية ومعارض سابق لحكم الأسد، أن الانتخابات مثلت “فوزاً ساحقاً للمرشحين الدينيين والعشائريين على المكون المدني”، مشيراً إلى أن الشرع “نجح في إعادة هندسة المشهد السياسي لصالح قاعدة سنيّة محافظة تمثل الركيزة الاجتماعية الأساسية لسلطته الجديدة”.

وأضاف زعيتر أن الشرع “سيستغل المقاعد المعيّنة لاستيعاب بعض الأقليات أو النخب الاقتصادية”، لكن المجلس سيظل موالياً بالكامل للرئيس. وأوضح أن “البرلمان سيضطلع بمهمة صياغة الدستور الجديد وسن حزمة قوانين تنظم مرحلة ما بعد الحرب، لكنها ستُدار عملياً من القصر الرئاسي”.

نهاية إرث الأسد وصعود نظام جديد

يمثل صعود الشرع تحولاً جذرياً في بنية الحكم السوري بعد ستة عقود من هيمنة عائلة الأسد والطائفة العلوية على مفاصل الدولة والأجهزة الأمنية. وكان الشرع، الذي يقود هيئة تحرير الشام (المنبثقة عن تنظيم القاعدة سابقاً)، قد أطاح ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد انهيار القوات الحكومية في دمشق.

وبذلك انتهت حقبة النظام الذي استخدم البرلمان لعقود كأداة للولاء السياسي، حيث كانت مقاعده موزعة على نحو ربع للعلويين والمسيحيين والإسماعيليين وبقية الأقليات، في حين حافظت الطائفة السنية على أغلبية شكلية دون سلطة فعلية.

أما اليوم، فقد انعكست المعادلة جذرياً: أغلبية دينية محافظة تهيمن على البرلمان، مقابل تراجع حاد لتمثيل الأقليات إلى حدود رمزية.

مناطق مستبعدة من التصويت

لم تشمل الانتخابات المناطق الكردية شرق البلاد ولا محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بسبب استمرار النزاع المسلح هناك. وتؤكد مصادر ميدانية أن سلطات الشرع فشلت في بسط السيطرة الكاملة على هاتين المنطقتين، رغم محاولات تفاوضية متقطعة.

وفي تصريحات خلال زيارته أحد مراكز الاقتراع بدمشق، قال الرئيس الشرع إن “الانتخابات تمثل خطوة نحو بناء مؤسسات الدولة الجديدة” وإنها “تناسب المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا”، مشيراً إلى أن البرلمان “سيقر الإصلاحات القانونية والميزانية العامة ويؤسس لدستور عصري”.

برلمان جديد بملامح قديمة

لكنّ محللين يرون أن مظاهر الديمقراطية التي حاول النظام الجديد إبرازها لا تُخفي واقع استمرار القبضة الأمنية المركزية. فغياب التعددية السياسية، واستبعاد قطاعات من المجتمع السوري، يجعلان المجلس الجديد امتداداً لأنماط الحكم السابقة، وإن بوجوه جديدة.

ويقول باحث سوري مقيم في بيروت إن “الانتخابات الأخيرة تُعيد إنتاج البنية السلطوية نفسها التي بناها الأسد الأب والابن: سلطة رئاسية مطلقة، وبرلمان شكلي، وتوازنات طائفية هشة”.

ويضيف: “الفرق الوحيد أن أحمد الشرع استبدل التحالف العلوي-الأمني السابق بتحالف ديني-عشائري يرفع شعارات العدالة والمقاومة لكنه يكرّس عملياً هيمنة جديدة على مؤسسات الدولة.”

You may also like

Leave a Comment