نبذة تاريخية عن استهداف إسرائيل للفلسطينيين على الأراضي الأجنبية

by hayatnews
0 comment

الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة في 9 سبتمبر/أيلول 2025، الذي استهدف اجتماعًا لقيادات من حركة حماس، لم يكن حادثًا معزولًا، بل امتدادًا لتاريخ طويل من سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خارج حدود الأراضي الفلسطينية. فمنذ سبعينيات القرن العشرين، دأبت إسرائيل على ملاحقة واغتيال قادة فلسطينيين في عواصم عربية وأجنبية، في عمليات تخللتها فضائح دبلوماسية وأزمات سياسية مع دول عدة.

عملية الدوحة: الحلقة الأحدث

أسفرت الغارة على الدوحة عن مقتل ستة أشخاص، بينهم همام نجل القيادي خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبد، إضافة إلى عبد الله عبد الواحد ومؤمن حسونة وأحمد المملوك. كما أعلنت وزارة الداخلية القطرية استشهاد سعد محمد الحميدي الدوسري، أحد عناصر قوة الأمن الداخلي “لخويا”، أثناء محاولته حماية الموقع المستهدف.
الهجوم الذي جاء بينما كانت الأطراف تبحث مقترحات لوقف إطلاق النار في غزة، يعيد إلى الأذهان سجل إسرائيل في تنفيذ اغتيالات خارجية أثارت جدلاً عالميًا لعقود.

سجل ممتد منذ السبعينيات

بدأت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية الممنهجة خارج فلسطين بعد عملية ميونيخ عام 1972، حين قُتل 11 رياضيًا إسرائيليًا. وردت إسرائيل بسلسلة اغتيالات استهدفت فلسطينيين في أوروبا ولبنان، أبرزهم:

عبد الوائل زعيتر، ممثل حركة فتح في روما، اغتيل في أكتوبر 1972.

غسان كنفاني، الكاتب والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اغتيل بسيارة مفخخة في بيروت عام 1972.

علي حسن سلامة، مؤسس منظمة “أيلول الأسود”، قُتل بسيارة مفخخة في بيروت عام 1979.

هذه العمليات رسّخت ما عُرف بسياسة “الانتقام بلا حدود”، وأطلقت نمطًا تكرر في العقود اللاحقة.

الثمانينيات: الضربات في تونس وأثينا

في الثمانينيات، وسعت إسرائيل عملياتها في البحر المتوسط. أبرز تلك العمليات:

أبو جهاد (خليل الوزير)، القائد العسكري لحركة فتح ونائب ياسر عرفات، اغتيل في منزله بتونس عام 1988 في عملية كوماندوز.

خالد نزال، القيادي في منظمة التحرير، قُتل بالرصاص في أثينا عام 1986.

قصف إسرائيل لمقر منظمة التحرير في تونس عام 1985، الذي أسفر عن مقتل 60 شخصًا بينهم مدنيون.

هذه العمليات أثارت إدانات واسعة، لكن إسرائيل لم تعترف بمسؤوليتها عن بعضها إلا بعد عقود.

التسعينيات: محاولة فاشلة في الأردن

في 1997، حاول عملاء “الموساد” اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، في عمان باستخدام مادة سامة. العملية فشلت بعد القبض على المنفذين بجوازات سفر كندية مزورة. تدخل الملك حسين شخصيًا، وأجبر إسرائيل على تسليم الترياق وإنقاذ حياة مشعل، في صفقة شملت الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حماس.
هذه الحادثة كشفت مدى استعداد إسرائيل لانتهاك سيادة دول صديقة لتحقيق أهدافها الأمنية.

العقد الأول من الألفية: من دمشق إلى دبي

مع بداية القرن الحادي والعشرين، صعّدت إسرائيل من استهداف قادة حماس في الشتات:

عز الدين الشيخ خليل، اغتيل في دمشق عام 2004 بتفجير سيارته.

محمود المبحوح، القيادي العسكري لحماس، قُتل في فندق بدبي عام 2010. العملية أثارت أزمة دبلوماسية بعد انكشاف استخدام الموساد جوازات سفر مزورة من أيرلندا وبريطانيا وأستراليا.

هذه العمليات أظهرت كيف تُدار الاغتيالات عبر شبكات دولية، وغالبًا ما تترك وراءها توترات دبلوماسية عميقة.

العقدان الأخيران: من بيروت إلى طهران

خلال السنوات الأخيرة، واصلت إسرائيل استهداف شخصيات بارزة:

صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، اغتيل في بيروت مطلع 2024.

إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، قُتل في طهران في يوليو 2024 بعد حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.

هذه الاغتيالات، التي جاءت في ظل الحرب على غزة، عززت قناعة بأن إسرائيل وسعت “حرب الظل” لتشمل جميع العواصم التي تستضيف قيادات فلسطينية.

أبعاد سياسية ودبلوماسية

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية لم تكن مجرد عمل عسكري، بل أداة سياسية لها تداعيات واسعة:

أزمات دبلوماسية: كما في دبي 2010 وعمان 1997، حيث تسببت العمليات في فضائح دولية واحتكاكات مع حلفاء غربيين.

ردع رمزي: تسعى إسرائيل عبر هذه العمليات لإرسال رسالة بأنها قادرة على ملاحقة خصومها أينما كانوا.

إضعاف القيادة الفلسطينية: إذ تُركّز الاغتيالات غالبًا على قيادات ذات ثقل سياسي أو عسكري لإحداث فراغ تنظيمي.

You may also like

Leave a Comment