موديز تخفّض توقعاتها لفرنسا إلى “سلبية” وسط أزمة تمرير الميزانية في حكومة ليكورنو

by hayatnews
0 comment

عدّلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لفرنسا من “مستقرة” إلى “سلبية”، في خطوة تعكس تصاعد القلق من هشاشة المشهد السياسي وصعوبة تمرير ميزانية الحكومة بقيادة رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو.

ومع ذلك، أبقت الوكالة على التصنيف السيادي طويل الأجل لفرنسا عند مستوى Aa3، ما مثّل ارتياحًا نسبيًا للحكومة بعد سلسلة من التخفيضات الائتمانية من وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش في الأسابيع الأخيرة.

وقالت موديز في بيانها إن هذا القرار «يعكس الخطر المتزايد بأن يؤدي استمرار الانقسام السياسي في فرنسا إلى إضعاف أداء مؤسساتها التشريعية»، محذّرة من أن عدم الاستقرار الحالي يحدّ من قدرة الحكومة على مواجهة تحديات مالية مزمنة، أبرزها العجز المالي المرتفع، وارتفاع أعباء الديون، وتزايد تكاليف الاقتراض.

وبينما تجنّبت موديز تخفيض التصنيف نفسه، فإن النظرة السلبية تمثل إنذارًا مبكرًا بأن الوكالة قد تقدم على خفض التصنيف في تحديثها القادم، ما لم تظهر الحكومة تقدماً ملموساً في ضبط المالية العامة.

ضغوط سياسية ومالية متزامنة

تأتي خطوة موديز في وقت تواجه فيه حكومة ليكورنو معركة سياسية صعبة داخل الجمعية الوطنية، حيث بدأت هذا الأسبوع مناقشة خطة خفض إنفاق بقيمة 30 مليار يورو للعام المقبل.

وتهدف الخطة إلى السيطرة على العجز المالي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة منذ جائحة كورونا وأزمة الطاقة.

وفي محاولة لكسب دعم المعارضة اليسارية، تعهّد ليكورنو بعدم اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، التي تسمح للحكومة بتمرير القوانين دون تصويت برلماني.

لكن هذا التعهد — الذي رحبت به المعارضة الاشتراكية — جعل الحكومة أكثر عرضة لتعديلات البرلمان، ما قد يؤدي إلى إضعاف الخطة المالية وتقليص حجم التخفيضات في العجز المعلنة.

وعلق وزير المالية رولان ليسكور على قرار موديز قائلاً إن “الرسالة واضحة: الحاجة إلى مسار مالي مشترك أصبحت أكثر إلحاحاً”.

وأضاف أن الحكومة “مصممة على تحقيق هدف العجز عند 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، والعودة إلى أقل من 3% بحلول عام 2029”.

لكن محللين اقتصاديين في باريس يشككون في إمكانية تحقيق هذه الأهداف، خصوصاً مع استمرار التوترات السياسية وغياب إجماع حول أولويات الإنفاق والإصلاحات.

موديز: المشهد السياسي يقوّض ثقة المستثمرين

قال كبير مسؤولي الائتمان في موديز، أتسي شيث، في مقابلة مع بوليتيكو قبيل صدور القرار، إن «إعادة النظام إلى المالية العامة الفرنسية أصبح تحدياً متزايداً بسبب غياب القدرة على إيجاد حلول وسط بين الأطراف السياسية».

وأشار إلى أن استمرار الانقسامات الحادة داخل البرلمان قد يدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم المخاطر السيادية الفرنسية، ما يعني ارتفاعاً محتملاً في تكاليف الاقتراض الحكومي في الأشهر المقبلة.

وبحسب البيانات الرسمية، ارتفع الدين العام الفرنسي إلى نحو 112% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من أعلى المعدلات بين اقتصادات منطقة اليورو.

ومع تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الفائدة، تواجه باريس صعوبة متزايدة في تمويل العجز من دون المساس ببرامج الإنفاق الاجتماعي.

ويُعد قرار موديز بعدم خفض التصنيف نفسه خبراً جيداً على المدى القصير لحكومة ليكورنو، التي تتعرض لانتقادات من اليمين واليسار على حد سواء بشأن إدارتها للمالية العامة.

إلا أن النظرة السلبية تضع فرنسا في منطقة الخطر الائتماني، وتشير إلى أن أي فشل في تمرير إصلاحات مالية جادة قد يدفع الوكالات الثلاث الكبرى إلى تخفيض متزامن للتصنيف خلال 2026.

ويخلص خبراء الاقتصاد إلى أن «باريس تواجه معركة مزدوجة»: إقناع الأسواق بقدرتها على استعادة الانضباط المالي، وإقناع برلمان منقسم بأن التقشف ضرورة لا خيار.

وفي غياب توافق سياسي حقيقي، يبدو أن طريق فرنسا نحو استقرار مالي دائم لا يزال طويلاً وشاقاً.

You may also like

Leave a Comment