سلطت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الضوء على حياة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي وصفته بأنه “آخر أفراد السلالة الاستبدادية في سوريا”.
وذكرت الصحيفة أنه لم يكن من المتوقع أن يحكم بشار الأسد سوريا، فقد كان هذا الدور مخصصًا لأخيه الأكبر باسل، الذي تدرب كقائد عسكري بينما درس بشار طب العيون.
خلال هجوم خاطف، اجتاحت جماعات المعارضة السورية المدن الكبرى ووصلت إلى العاصمة دمشق في غضون أسبوع، مما أجبر الأسد على الفرار ووضع حدًا لنظام حكم استمر لمدة 54 عامًا.
ورغم أن روسيا وإيران أنقذتا حكومته خلال الحرب الأهلية التي اندلعت قبل أكثر من عقد، لم تقدما الدعم هذه المرة مع اقتراب أعدائه منه. كما رفضت الحكومات العربية دعواته للحصول على الدعم.
وفي النهاية، تلاشت قوات الجيش والأجهزة الأمنية التي أرعبت وعذبت الشعب السوري واستخدمت الأسلحة الكيميائية ضده، تاركة الأسد مكشوفًا ووحيدًا.
وأكد مسؤولون أمنيون أن الأسد فر من البلاد بينما تقدمت قوات المعارضة، وقد استقر هو وعائلته لاسيما زوجته وأطفاله في روسيا، بينما انتقل أصهاره إلى الإمارات العربية المتحدة.
وبحسب الصحيفة ساهمت الحروب في لبنان وأوكرانيا، التي أضعفت حزب الله المدعوم من إيران وروسيا، في إضعاف الأسد. كما أن سوء الإدارة الاقتصادية والقمع الوحشي لحكومته أسهما في انهيار النظام.
وبعد أن قدم نفسه كمصلح اقتصادي في البداية، أطلق الأسد حملة قمع دموية عندما اندلعت الاحتجاجات في شوارع سوريا. هذا العنف أشعل حربًا أهلية دمرت مدنًا بأكملها، وشردت نصف السكان، وأعادت رسم توازن القوى في المنطقة، وأطلقت موجات من اللاجئين أثرت على أوروبا وساهمت في تصاعد المشاعر المعادية للمهاجرين.
ورغم أن القمع أخر انهيار النظام لعقد من الزمن، إلا أن الغضب الناتج عن ذلك أدى في النهاية إلى زوال حكمه.
قال روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق لدى سوريا: “سيدخل التاريخ كديكتاتور قاسٍ دفع بلاده إلى حرب أهلية مدمرة ودامية. هذا سيكون إرثه دائمًا”.
وبشار الأسد هو الابن الثاني لحافظ الأسد، الضابط العسكري الذي قاد انقلابًا في 1970 وحكم سوريا لما يقرب من 30 عامًا. وُلد بشار في دمشق وكان مجرد طفل يبلغ من العمر 5 سنوات عندما تولى والده السلطة.
وقد نشأ بشار وسط أشقاء أكثر كاريزما واهتمامًا بالسياسة والعسكرية، بينما كان ميالًا للعلوم والطب. كان في سن المراهقة عندما قمع والده انتفاضة الإخوان المسلمين في حماة، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف في قصف الجيش للمدينة.
بعد وفاة باسل في حادث سيارة عام 1994، عاد بشار إلى دمشق، حيث تم تجهيزه لوراثة الحكم. وقد تم تعديل الدستور ليتيح لمن هم دون سن الأربعين تولي الرئاسة. كان بشار يبلغ من العمر 34 عامًا عندما أصبح رئيسًا في انتخابات حصل فيها على 99.74% من الأصوات.
في البداية، قدم نفسه كقائد مصلح ووعد بتغييرات اقتصادية وسياسية. لكن مع اندلاع احتجاجات عام 2011، لجأ الأسد إلى أساليب وحشية لقمع المعارضة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية والقصف بالبراميل المتفجرة.
ومع تصاعد الاحتجاجات إلى تمرد مسلح، استخدم النظام وسائل مثل هجمات بالكلور والسارين، وحصار مدن المتمردين، وتجويع السكان المدنيين.
رفع مؤيدوه شعار: “الأسد أو نحرق البلد”. في النهاية، استعادت قوات الأسد السيطرة على معظم البلاد بدعم من الميليشيات الإيرانية والطيران الروسي.
لكن النظام فشل في تحقيق استقرار دائم. مع تقدم جماعات المعارضة، انهار النظام سريعًا، تاركًا البلاد في حالة فوضى.
ورغم نجاحه في البقاء لسنوات، إلا أن حكم الأسد كان كارثة على سوريا، التي أصبحت الآن دولة محطمة ومجتمعًا ممزقًا. لقد خلف إرثًا من الدمار والانقسام سيظل يلاحقه في صفحات التاريخ.