تعمل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على وضع اللمسات الأخيرة على حزمة اتفاقات واسعة، بينها ما يُوصف بـ«اتفاقية دفاعية» غير مُلزِمة قانونياً، تمهيداً للقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع المقبل.
وتأتي هذه التحركات ضمن جولة محادثات مكثفة أجراها مسؤولون من الطرفين خلال الأيام الماضية سعياً لإنجاز اتفاقات يكون لها بُعد أمني واستراتيجي وتجاري.
وقالت مصادر أميركية لموقع أكسيوس إن المفاوضات شملت زيارة غير معلنة لصهر ومستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر إلى الرياض نهاية الأسبوع الماضي للبحث في تفاصيل الصفقة والتحضيرات للزيارة، بينما زار أيضاً عدد من كبار المسؤولين السعوديين واشنطن للتشاور مع المسؤولين الأميركيين قبل اللقاء المرتقب.
وتتناول المحادثات نطاقاً واسعاً من الملفات، من تأمين ضمانات أمنية إلى صفقات عسكرية ومبادرات اقتصادية.
ومن بين الملفات الرئيسية المطروحة، طلب سعودي لشراء دفعات من طائرات «إف-35» المتقدمة، إلى جانب صفقة أسلحة كبيرة سبق أن نوقشت خلال زيارة الرئيس ترامب إلى الرياض هذا العام ضمن حزمة صفقات ضخمة.
وتفيد تقارير أن ملف بيع «إف-35» مرَّ بسلسلة مراحله داخل البنتاغون وأن الجهود جارية لتذليل عقباتٍ فنية وإجرائية قبل إقرار أي موافقات نهائية. ولكن مثل هذه الصفقات تظل خاضعة لموافقات إضافية من مؤسسات صنع القرار الأميركية.
وذكرت مصادر أميركية وأخرى مطلعة أن الضمان الأمني الذي قد تُمنحه واشنطن للسعودية لن يكون معاهدة دفاعية مُلزِمة تُصادق عليها الكونغرس، بل سيكون أقرب إلى آلية تنفيذية أو إعلان رئاسي يتيح للبيت الأبيض تقديم تعهدات استراتيجية، وهو نموذج شبيه بالتعهد الذي مُنح لقطر مؤخراً عبر أمر تنفيذي، ما يعني احتمال قابليته للتغيير من إدارة أميركية لاحقة.
ويُعد هذا الخيار محاولة لكسب طمأنة سعودية من دون الدخول في معركة تشريعية قد تُجهض الاتفاق.
وأكدت مصادر سعودية أن كبار المسؤولين في الرياض، بمن فيهم نائب وزير الدفاع والأمن القومي، شاركوا في المشاورات، بينما حضر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن للتنسيق مع نظرائه الأميركيين استعداداً للقاء ولي العهد مع الرئيس.
كما زار وزراء الاقتصاد والطاقة مناطق القرار في واشنطن خلال الأسابيع الماضية لمتابعة بنود الشراكات الاقتصادية المصاحبة لأي اتفاق أمني.
لكن تنفيذ ما يُتفاوض عليه يواجه عقبات حقيقية: أولاً حساسية ملف البيع العسكري المتطور وتأثيره على «الميزة العسكرية النوعية» لإسرائيل، وثانياً الاستياء الدولي والمحلي المرتبط بقضايا حقوق الانسان، وفي مقدمها جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 التي تلقي بظلالها على أي تقدم دبلوماسي رفيع المستوى.
كما أن تحويل التعهدات التنفيذية إلى التزامات دائمة يصطدم بصعوبة إقرار معاهدة دفاعية في مجلس الشيوخ الأميركي.
ورغم ذلك، تسعى الإدارة الأميركية إلى إظهار إنجاز دبلوماسي مع حليف إقليمي مهم قبل قمة البيت الأبيض، وهو ما يعكس رغبة في تقوية شراكات استراتيجية في وقت تتصاعد فيه التحديات الإقليمية.
وفي الرياض، يرى صانعو القرار أن ربط الضمانات الأمنية بصفقات اقتصادية واستثمارات طويلة الأمد قد يوفر توازناً بين المصالح السياسية والأمنية.