مصير قوات اليونيفيل في لبنان يدخل مرحلة حاسمة

by hayatnews
0 comment

دخلت قوات اليونيفيل (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان) مرحلة حاسمة مع اقتراب موعد انتهاء ولايتها نهاية الشهر الجاري، في ظل نقاشات ساخنة داخل مجلس الأمن الدولي بشأن تجديد تفويضها لعام إضافي أو تقليصه بشكل جذري.
ورغم أن فرنسا صاغت مشروع قرار للتمديد، فإن الأنظار تتجه نحو الموقف الأمريكي، إذ لم تحسم واشنطن بعد قرارها، فيما يلوّح دبلوماسيون بأن استمرار مهمة القوة مرهون بتقديم لبنان تنازلات محددة تتعلق بميزانية القوة ومهامها الميدانية.
ابتزاز سياسي تحت غطاء التمديد
الجنرال اللبناني المتقاعد منير شحادة، الذي شغل منصب منسق الحكومة مع اليونيفيل بين 2021 و2023، حذر من أن الولايات المتحدة تمارس نوعًا من “الابتزاز”، عبر ربط التمديد بمطالب جديدة.
وقال: “موضوع تمديد ولاية اليونيفيل فيه عنصر ابتزاز… أولاً يريدون اتفاقًا بشأن أبراج المراقبة والكاميرات، وثانيًا بشأن تقليص صلاحياتها وعديدها”.
وأضاف شحادة أن لبنان، العاجز ماليًا والمثقل بأزماته الاقتصادية، قد يجد نفسه مضطرًا للموافقة على تركيب كاميرات مراقبة متطورة على طول الخط الأزرق، وهو أمر طالما رفضته الحكومات السابقة خشية استغلالها في أعمال تجسس لصالح إسرائيل.
ضغوط أمريكية.. وحلول بديلة

تتزامن هذه النقاشات مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية شبه اليومية في جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم العام الماضي بين حزب الله وتل أبيب.
وبحسب شحادة، فإن البديل عن التنازلات اللبنانية سيكون تقليص عدد أفراد القوة، وربما إنهاء المهمة كليًا.
وقال: “انقطعت الكهرباء، وانقطعت الأموال، وسيُقلص عدد أفراد اليونيفيل، وقد تنتهي مهمتها. لذا، بدلًا من إنهائها، يُفكرون في تركيب كاميرات بتمويل بريطاني”.
وتشير تقارير إلى أن لندن مستعدة لتقديم معدات مراقبة وأبراج شبيهة بتلك التي أقامتها سابقًا على الحدود اللبنانية ـ السورية في إطار مكافحة تهريب السلاح وتنظيم داعش.
مأزق لبناني بين الداخل والخارج
تجد الحكومة اللبنانية نفسها أمام معادلة صعبة: فهي بحاجة ماسة إلى بقاء قوات اليونيفيل كعامل ردع في مواجهة إسرائيل، لكنها تفتقر إلى الإمكانات لتأمين الجنوب بمفردها.
وفي الوقت ذاته، تواجه انتقادات داخلية، خصوصًا من حزب الله ومؤيديه، الذين طالما اتهموا البعثة الأممية بالتحيز لإسرائيل و”التواطؤ” معها.
مصادر مقربة من الحزب شددت على أن “الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة وإسرائيل”، معتبرة أن أي تمديد يجب أن يقترن بـ”التزامات واضحة” من تل أبيب بوقف خروقها للسيادة اللبنانية.
ذاكرة خلافات قديمة
ليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها الولايات المتحدة مهمة اليونيفيل. ففي عهد إدارة دونالد ترامب، خفضت واشنطن مساهماتها المالية في ميزانية عمليات حفظ السلام بشكل حاد، وطرحت مرارًا تساؤلات حول جدوى البعثة في جنوب لبنان. كما دعمت إسرائيل موقفًا متشددًا، متهمة اليونيفيل بأنها “تغطي على أنشطة حزب الله”، رغم عدم تقديمها أي أدلة ملموسة.
اليوم، ومع حكومة أمريكية جديدة، يتكرر المشهد وإن بأدوات مختلفة: ضغط مالي وسياسي مقابل ضمان استمرار قوة يُنظر إليها في لبنان على أنها صمام أمان هشّ في وجه أي مغامرة عسكرية إسرائيلية.
مخاطر غياب اليونيفيل
يحذر خبراء عسكريون من أن أي تقليص أو انسحاب لليونيفيل قد يفتح الباب أمام تصعيد عسكري واسع. فإسرائيل تحتل بالفعل خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية، وهناك مخاوف من أن تسعى إلى توسيعها وتحويلها إلى منطقة عازلة حتى نهر الليطاني، في حال غياب الرقابة الدولية.
ويخشى اللبنانيون أن يتحول الجنوب مجددًا إلى ساحة مواجهة مفتوحة، خصوصًا أن الجيش اللبناني، رغم انتشاره هناك، يفتقر إلى العتاد والموارد لمراقبة كل الحدود.
ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة مشروع القرار الفرنسي لتمديد ولاية اليونيفيل لعام إضافي. غير أن مصير النص سيبقى رهين مساومات اللحظة الأخيرة، إذ يمكن للولايات المتحدة أن تفرض شروطها عبر التهديد باستخدام الفيتو.
ويختصر الجنرال شحادة المشهد بقوله: “ما العذر؟ لم يعد هناك أفراد. لا توجد ميزانية. أمريكا ترفض الدفع. ما البديل – سحب اليونيفيل؟”.
وبين ضغوط أمريكية وإسرائيلية، وأزمات لبنانية داخلية، تقف مهمة اليونيفيل عند مفترق طرق جديد. والخيارات أمام بيروت تبدو محدودة: إما الرضوخ لتركيب الكاميرات والتنازل عن بعض صلاحيات السيادة، أو المخاطرة بخسارة آخر مظلة دولية قائمة في الجنوب، وما قد يترتب على ذلك من فراغ أمني قد تستغله إسرائيل لتوسيع نفوذها.

You may also like

Leave a Comment