استضافت مصر رئيسي تركيا وإيران في قمة تضم ثماني دول ذات أغلبية مسلمة في عاصمتها الإدارية الجديدة، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي معهما بشكل منفصل لإجراء محادثات حول الاضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط منذ أواخر العام الماضي.
وعقدت قمة ما يسمى بمجموعة الدول الثماني النامية في وقت تشارك فيه إيران وتركيا في الاضطرابات الإقليمية التي بدأت مع اندلاع حرب غزة قبل 14 شهرا، مما يشير إلى الدور المتزايد للدول غير العربية في شؤون المنطقة.
وقال أنيس سالم، الدبلوماسي المتقاعد من مصر والذي يعمل الآن في المجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو مركز أبحاث في القاهرة، إن “وزن وتأثير الشرق الأوسط العربي يتضاءل، وتتحول مراكز القوة في المنطقة إلى لاعبين غير عرب مثل تركيا وإيران وإسرائيل”.
وشهدت القمة اجتماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للمرة الأولى منذ الإطاحة بالأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول.
وصل بزشكيان إلى القاهرة في وقت متأخر من يوم الأربعاء، وهو أول رئيس إيراني يزور مصر منذ محمود أحمدي نجاد، الذي قام بذلك في عام 2013.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد زار مصر في أكتوبر/تشرين الأول، في حين سافر نظيره المصري بدر عبد العاطي إلى طهران في يوليو/تموز لحضور حفل تنصيب السيد بزشكيان.
وقال بيان رئاسي مصري عن لقاء السيسي ببيزشكيان “تبادل الزعيمان وجهات النظر حول التطورات الإقليمية وسبل استعادة السلام في المنطقة”. وأضاف البيان دون الخوض في تفاصيل “أكد الرئيس (المصري) على أهمية نزع فتيل التوتر الإقليمي وتجنب التصعيد”.
ولم يشر البيان إلى ما قالت مصادر في وقت سابق إنه نية السيسي إثارة قضية الهجمات على الشحن في البحر الأحمر من قبل قوات الحوثيين المدعومة من طهران عندما يلتقي بزشكيان على هامش القمة.
وقد أدت هجمات البحر الأحمر، التي شنت تضامنا مع الفلسطينيين في غزة ، إلى خفض عائدات مصر من قناة السويس ، التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط وتشكل مصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية للدولة التي يبلغ عدد سكانها 107 ملايين نسمة وتعاني من نقص السيولة النقدية، إلى النصف.
وقالت مصادر دبلوماسية إن مصر حثت إيران على إقناع الحوثيين بوقف هجماتهم على الملاحة ولكن دون جدوى. كما تسعى القاهرة للحصول على ضمانات بأن الحوثيين لن ينفذوا تهديداتهم بإغلاق باب المندب ، المضيق الضيق عند مصب البحر الأحمر الجنوبي.
وعقدت مصر وإيران في السنوات الأخيرة عدة جولات من المشاورات لتطبيع العلاقات بينهما بعد عقود من التوتر في أعقاب الإطاحة بالشاه في الثورة الإسلامية عام 1979. ومع ذلك، لم ترفع الدولتان بعد مستوى تمثيلهما الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، مما يعكس الخلافات المتبقية.
ودعت القاهرة إيران مرارا وتكرارا إلى البقاء بعيدا عن شؤون الدول العربية والتوقف عن تسليح وتمويل اللاعبين غير الحكوميين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. والآن، ضعفت وكلاء إيران بشكل كبير، باستثناء الحوثيين في اليمن والجماعات الشيعية المسلحة في العراق.
وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، خصصت قمة مجموعة الثماني جلسة خاصة لمناقشة الأوضاع في غزة ولبنان.
إلى جانب مصر وتركيا وإيران، تضم منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي نيجيريا وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وماليزيا.
وتأسست المنظمة في عام 1997 بهدف تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء.
وقال بيان منفصل للرئاسة المصرية إن لقاء السيسي مع أردوغان استعرض الوضع في المنطقة. وأضاف البيان أن “الرئيس أكد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وإطلاق عملية سياسية سورية تجمع كل أطياف المجتمع لتحقيق المصالحة الوطنية”.
كان أردوغان والزعيم المصري قد خططا بشكل مشترك لتطبيع العلاقات بين القوتين الإقليميتين الكبيرتين بعد أكثر من عقد من التوتر حيث اتهمت القاهرة أنقرة مرارًا وتكرارًا بدعم الجماعات المسلحة في جميع أنحاء العالم العربي.
من جانبها، انتقدت تركيا بشدة الإطاحة بمحمد مرسي في عام 2013، وهو حليف وثيق لتركيا انتهى عامه الأول كرئيس لمصر عندما عزله الجيش، بقيادة السيسي آنذاك، من السلطة وسط احتجاجات في الشوارع ضد حكمه المثير للانقسام.
ومع ذلك، تواصل الدولتان دعم الجانبين المتعارضين في الصراع الليبي المستمر منذ فترة طويلة بين إدارة تدعمها القاهرة في الجزء الشرقي من ليبيا وحكومة منافسة مقرها العاصمة طرابلس في الغرب. وكلاهما يدعم جيش السودان في حربه الأهلية المستمرة منذ 20 شهرًا ضد قوات الدعم السريع شبه العسكرية للسيطرة على الدولة الأفريقية العربية الشاسعة.
وتقول مصادر مطلعة على علاقات القاهرة مع أنقرة إن البلدين، على الرغم من كونهما شريكين تجاريين مقربين، يتعاونان أيضا في القضايا الأمنية ويتبادلان المعلومات الاستخباراتية منذ تحسن العلاقات بينهما.